أزمة المازوت تضرب القطاع الزراعي: الإجاص “مرمي” خارج البرادات بأبخس الأسعار.. ماذا عن التفاح؟

أزمة المازوت تضرب القطاع الزراعي: الإجاص “مرمي” خارج البرادات بأبخس الأسعار.. ماذا عن التفاح؟

كتب خالد ابو شقرا في “نداء الوطن”: انتظر المزارعون في قرى جرود البترون موسم الإجاص بشغف، بعدما سقوه “دولارات طازجة” طيلة الفترة الماضية، فلم يحصدوا إلا الخيبة. فـ”بعد أيام قليلة من بدء موسم القطاف تدنى السعر من 10 دولارات لصندوق زنة 25 كلغ، إلى ما بين 3 و5 دولارات”، يقول رئيس “الجمعية التعاونية لإنماء الزارعة وتصريف الفاكهة في تنورين” رجاء سركيس. “الأمر الذي ألحق بمئات العائلات التي تعتمد على هذه الشجرة لتأمين جزء مهم من مصروف فصل الشتاء خسائر فادحة. إذ أن بيع الكيلو في “ارضه” بحدود 4000 ليرة، بالكاد يكفي لتغطية التكاليف من حراثة وعمالة وتسميد ورشوش، والتنقل من وإلى البساتين التي تقع في مناطق وعرة، ولا ينتج عنه أي أرباح للمزارع”.

ينتج القضاء حالياً بحسب سركيس “ما بين 10 و15 ألف صندوق من الإجاص. جنى المحصول يبدأ في العشرين من تموز في المناطق المتوسطة الإرتفاع، ويستمر حتى منتصف آب في المناطق التي تعلو عن 1500 متر. وكي لا تغرق الأسواق بالمنتج دفعة واحدة وينهار سعره نتيجة زيادة العرض عن الطلب، كان المزارعون يعمدون إلى الإحتفظ به في البرادات، إما لتنزيله إلى السوق على دفعات، وإما لتسفيره إلى الخارج بعد فرزه وتوضيبه، مما كان يحافظ على سعره لأطول فترة ممكنة. أما اليوم فالبرادات متوقفة عن العمل بسبب الإنقطاع شبه الكامل للكهرباء، والنقص الفاضح في المازوت لتشغيلها على المولدات. ففضل أصحابها إطفاءها وترك “همّ” تشغيلها إلى بدء موسم التفاح الذي يعتبر أكبر ويحفظ لوقت أطول ويُعتمد عليه أكثر بين الاهالي والمزارعين. خصوصاً بعدما عمد جزء كبير منهم إلى اسبتدال الإجاص بالتفاح في السنوات الماضية. وعلى هذا الأساس اضطر المزارعون إلى عرض كامل الإنتاج من الإجاص بدلاً من تلفه، الأمر الذي أدى إى انفخاض سعره بشكل كبير جداً.

في الوقت الذي يبيع فيه المزارع صندوق الإجاص زنة 25 كلغ بين 60 و100 ألف ليرة، أي بمعدل وسطي 4000 ليرة للكيلوغرام، يتراوح سعر المبيع للمستهلك النهائي بين 15 و20 ألف ليرة بحسب جودة الفاكهة وحجمها، ومكان البيع. فمن يربح بين 11 و16 ألف ليرة أقله في الكيلو الواحد على حساب المواطن؟ يجيب سركيس ان “المزارع يمثل الحلقة الأضعف في الدورة الإنتاجية. فحصته من المنتج تتراوح بين 15 و25 في المئة، وهي لا تتجاوز 30 في المئة في احسن الأحوال، مع العلم أنه يتحمل التعب بالإضافة إلى تكاليف الإنتاج. فيما يتقاضى الوسيط نحو 30 في المئة من سعر المنتج، وتأخذ صالات العرض أي المحلات النسبة المتبقية. وعلى هذا الأساس لا يصل للمزارع حقه من إنتاجه، ويدفع المواطن ثمن السلعة أكثر من قيمتها ويحقق الوسطاء أرقاما خيالية.

أزمة المحروقات التي ضربت مزارعي الفاكهة في جرود البترون، تصيب القطاع الزارعي على امتداد الوطن. فبقاعاً “يوجد أكثر من 25 ألف طن من البطاطا في البرادات معرضة للتلف، أو لإخراجها وبيعها بخسارة بسبب العجز عن تشغيل البرادات”، يقول رئيس “تجمع مزارعي وفلاحي البقاع” إبراهيم ترشيشي. فـ”المازوت يوزع على الأزلام والمحازبين والمحظيين والمحتكرين والمهربين… ولا يصل منه شيء إلى القطاعات الإنتاجية. وفي حال توفره فبسعر يفوق 250 و300 ألف ليرة للصفيحة الواحدة. الأمر الذي لا يرفع كلفة الانتاج والتبريد فحسب، إنما يجعلها خيالية، وفوق متناول المزارعين والمستهلكين على حد سواء. وبحسب ترشيشي فان “المزارعين الذين يرون الصهاريج تمر من أمامهم و”عين الدولة ترعاها”، إلى وجهات معروفة، لم يحصلوا منذ 40 يوماً على “نقطة” مازوت لا بالسعر المدعوم، ولا بسعر السوق السوداء.