من أكثرِ الأمورِ التي تصعبُ على الإنسانِ فيعتبرُ الفقرَ هو أسوأ أشكالِ العنف. هناك العديدُ من الأشخاصِ الّذين يُعانون منه في مجتمعنا حيثُ أنّ الفقرَ ليسَ عيباً، و لكنّ البعض يعتبره عاراً، على الرّغمِ أنّ هذا المفهوم الخاطئ، الّا انّ للفقرِ اسبابٌ متعدّدةٌ سنشرحها في ما يلي.
يُعدّ الفقر ظاهرةً اجتماعيةً مُتعدّدة الأبعاد، إذ إنّ الفقر يتضمّنُ آثاراً تزيد عن النقص في الدخل والمواردِ الإنتاجيّة الضروريّة لتأمين سُبل العيش اليومية إلى مظاهر أخرى في المجتمعات، منها: الجوع، وسوء التغذية، ومحدودية الوصول إلى التعليم، وعدم الحصول على كافّة الخدمات الأساسية، والتمييز الاجتماعي، والاستبعاد. يُؤثّر الفقر في المجتمع من ناحية العلاقات الاجتماعيّة المُختلفة، والمشاركة السياسيّة، والنشاط في المُنظّمات الاجتماعيّة المتنوّعة،ويُؤثّر بصورةٍ متفاوتةٍ في فئات المجتمع المختلفة، ويُشار إلى أنّ الفقرَ يرتبط بالتّنمية بجميع مجالاتها الاقتصاديّة، والصّحيّة، والتّعليميّة، والبيئيّة، لذا تطرح الدّول مجموعةً من الاستراتيجيات والسياسات المُوجّهة لمحاربة الفقر، وذلك بهدف توزيع الثروة والدخل بشكلٍ عادلٍ أكثر.
يُؤدّي الفقر إلى ظهور عدد من الآثار الاجتماعيّة على المجتمعات، ومن أبرزها ما يأتي: المشاكل الأسرية: تُعتبر العائلات الفقيرة أكثر عُرضةً المشاكل الأُسريّة، مثل: العنف والطّلاق، وذلك بسبب العيش في حالة من التّوتر، والضّغط، والإجهاد. المشاكل الصّحيّة وسوء الرّعاية الطبيّة: يُعدّ الأشخاصُ الذين يُعانون من الفقر أكثر عُرضةً للإصابةِ بالمشاكل الصحيّة المُختلفة، مثل وفيّات الرّضَّع، ووفيّات الأطفال، والإصابة بالأمراض العقليّة، ونقص التغذية ممّا يُؤدّي إلى العديد من المشاكل السلوكيّة، والإدراكيّة، حيث بيّنت بعض الدّراسات الحديثة بأنّ الفقر يُؤدي إلى 150,000 حالة وفاة سنوياً. تدنّي فرص التّعليم الجيّدِ: يتلقّى الأطفال الفقراء تعليمهم غالباً في مؤسّسات لا تتمتّع بالمرافق الضرورية للتعليم، ممّا يُقلّل من فُرص تخرّجهم من المدرسة والالتحاق بالجامعة، ويُؤدّي ذلك إلى دخولهم في دوّامة الفقر المُتوارث عبر الأجيال. نقص المسكن المناسب والتشرد: تعيش العائلات الفقيرة في بيوت مُتهالكة في أحياء فقيرة لا تُوفّر لهم المدراس الجيّدة، ولا يوجد فيها فرصٌ للعمل، وقد يُؤدّي الفقر إلى العيشِ بلا مأوى، إذ يُعاني ما يُقارب من 1.6 مليونَ شخصٍ في العالم من ظاهرة التّشرّد. انتشار الجريمة والعنف: يعيش بعض الفقراء في أحياء تكثر فيها الجرائم، ممّا يجعلهم الفئة الأكثر تعرّضاً لجرائم الشوارع، وفي الوقت ذاته يلجأ بعضهم إلى السّرقة، والسّطوِ، وذلك لأنّ الفقر يُؤدّي للشّعور بالإحباط العميق، والتّوتّر، كما يعيش الأطفال في بيئةٍ تُؤدّي أحياناً لخلق سلوكٍ إجراميٍّ من خلال التأثّر بالأقران الأكبر سِناً الذين يُمارسون العنف والجريمة. تُوجد العديد من الوسائلِ لمكافحة الفقر من منظورٍ اجتماعيٍّ ، ومنها ما يأتي:تنمية للعمّال والمنشآت: وذلك من خلال زيادة الفرص للعمّال في المناطق الرّيفيّة، وتحسين وسائل النّقل والاتصالات فيها، وتوفير خدمات ماليّة للمُجتمعات الفقيرة، وتحسين سبل الكسب للفقراء عن طريق تعاون المجتمعات المحّليّة وتشجيع المشاريع الصّغيرة، ومشاركة المنشآت الكبيرة مثل الشّركات الوطنيّةِ في دعم المُجتمعات المحلّية لمحاربة الفقر والبطالة. توفير الحماية الاجتماعيّة: تتضمّن الحماية الاجتماعية العديد من الجوانب، وهي كالآتي: الحماية الصحيّة: توفير الرّعاية الصّحيّة للعائلات الفقيرة عن طريق تمويل المؤسّسات الصحيّة الخاصّة بهم، وطرح خطط تأمين مناسبةً لهم. الحماية التعليميّة: ويكون ذلك بتأمين نظام دعمٍ لدخل الأُسر التي لديها أطفال في سنّ الالتحاق بالمدارس. الحمايةُ في العمل: من خلال تحسين آليّات إنشاء وتنفيذ نظام الحدّ الأدنى للأجور، وطرح سياسات تهتمّ بالسّلامة والصحّة المهنية خاصّةً في المِهن الخَطِرة التي تعمل فيها الفئات محدودةِ الدّخل غالباً. الدّعم المجتمعيّ للأمومة. إصلاح التشريعات الناظمة للعمل: ومن أهمّها التشريعات المُتعلّقة بتشغيل الأطفال، والمبادئ والحقوق الأساسيّة في العمل مثل القضاء على التّمييز. تعزيزُ الحوار المجتمعي: وذلك من خلال دعم الأعمال التي تسعى للحدّ من الفقر، والقضايا المُتعلّقة بالضّمان الاجتماعيّ، والتّدريب، والصحّة ، والتعليم، والنقل، والطّاقة، إضافةً إلى وضع برامج لتأهيل مُنظّمات العمّال، وتمكين الحوار بين الشّركاء الاجتماعيّين والمُنظّمات التمثيليّة في المجتمع. تكافؤ الفرص والمساواة: ويُمكن تحقيق ذلك عن طريق مراجعة السّياسات المُتعلّقة بتكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة، ودعم العمّال الذين يحملون مسؤوليّات عائليّة. إقامة وتعزيز الشّراكات بين المنظّمات الدوليّة: ولاسيّما تلك المُتخصّصة بالتّنمية الريفيّة، والاستثمار في الهياكل الأساسيّة، والتعلّم الدائم، والتنمية، والحماية البيئية، وتمويل المشاريع الصغيرة، ورعاية الأطفال. مفهوم الفقر يُستخدم لوصف ظاهرة اجتماعيّة اقتصاديّة بالغةِ التّعقيد والتّداخل، وهو حالةٌ نسبيّةٌ تصف التفاوتات الاجتماعيّة والاقتصاديّة الكبيرة، ويُعرّف الفقر أيضاً بأنّه حالة الافتقار للمُمتلكات المادّية، وامتلاك القليل. وتختلف تعريفات الفقر بحسب علماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد، فقد يُعرّف بأنّه مستوى معیشي منخفض، لا یفي بالاحتیاجات الصحیّة والمعنویّة المُتّصلة بالاحترام الذّاتي للفرد أو مجموعة أفراد، ويُعرّف بأنّه حالة من الحرمان تتجلّى في انخفاض استهلاك الغذاء، وتدنّي الأوضاع الصحیّة والمستوى التعلیميّ وقلّة فرص للحصولِ عليه، وتدّني أحوال السّكان، وانعدام المدّخرات. ويعرّف البنك الدولي الفقر على أنّه عدم القدرة على الوصول إلى حدٍّ أدنى من مستوى المعیشة، وهو الحرمان من المُتطلّبات المادیّة اللازمة للوفاء بالحدّ الأدنى المقبول من الاحتیاجات الإنسانیّة بما في ذلك الغذاء. يُمكن ربط الفقر بعدد من الأسباب كما يأتي: الأسباب البيولوجّة يعود سبب الفقر بحسب آراء بعض المُفكّرين إلى عوامل بيولوجيّة مرتبطة بالإنسان، مثل: محدوديّة الذّكاء، وضعف التكوين الجسمي اللّازم للكسب والعمل، لكنّ هذه الآراء أثبتت فشلها وِفقاً للعلماء، إذ إنّ الأسباب الأساسيّة للفقر تُحدّدها ظروف وإمكانات الفرد الطبيعيّة، والاجتماعية، والاقتصادية.الأسباب السياسيّة تُؤثّر العوامل السياسيّة على زيادة الفقر في العالم، إذ تسبّب الاستعمار باستنزاف ثروات بعض البلاد الغنيّة، والاستحواذ على أراضيها وممتلكاتها، وتكريس الجهل والأمّية فيها، ومن العوامل السياسيّة الأخرى؛ الحروب والنزاعات الداخليّةِ والخارجيّة، والتي تُؤدّي إلى تخلّف الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى فساد بعض الحكومات، ممّا يُؤدّي لخلق حالة من عدم المساواة الاجتماعيّة، والتفاوت في الدخل، وقلّة الحوافز، والحدّ من فُرص الأفراد، وخياراتهم، وحرّيّاتهم. الأسباب الاجتماعيّة، يظهر الفقر في المجتمعات بسبب مجموعة من العوامل منها؛ انعدام المساواة والعدل بين أفراد المجتمع في الخدمات المختلفة المُقدّمة لهم، والتمييز بين أفراد المجتمع الذي ينشأ بسببه نظام طبقيّ يُؤدّي إلى الحدّ من مشاركة جميع فئات المجتمع، ومن أهمّ الأسباب الاجتماعيّة للفقر زيادة عدد السّكان في المنطقة، ويرجع ذلك إمّا بسبب النمو السكّاني الذي يُصبح أعلى من معدّلات الناتج المحلي الإجمالي، أو بسبب هجرة الأفراد من الريف إلى المدينة بسبب الأوضاع البيئيّة الصّعبة فيها، ممّا يُساهم في زيادة الضّغط على الموارد المختلفة. الأسباب الاقتصاديّة، تتعدّد الأسباب الاقتصاديّة المُؤدّية للفقر، ومنها ما يأتي: وجود خلل في النظام الاقتصاديّ العالميّ. عدم استغلال الموارد والإمكانات الطبيعيّة المُتوفّرة. فشل السياسات التنمَوِيّة في معظم الدول النامية. التّوزيع غير العادل للدّخل والثروات. ارتفاع معدّلات البطالة. الأزمات الاقتصاديّة. الديون الخارجيّة للدول. الخصخصة وأثرها السيء على الفئات الفقيرة والمتوسطة.
ان العالم بأسره قد تكلّم عن الفقر و انقسام المجتمع إلى طبقات لهو شيء طبيعيّ ، و لكنّه متعب، حيث قال الإمام علي عليه السلام “لو كان الفقر رجلاً لقتلته” ، لذلك ان البعض يكذب احيانا للهروب من قوقعة الفقر و يقول :” انا لا اكذبُ لكنّني اتجمّل”.
