إِمْرَأَةٌ أَمْ رَجٌلٌ؟… القِيمَةُ هِيَ الأَهَمِ. مقال بقلم الزميلة✍️ زينب سليمي

إِمْرَأَةٌ أَمْ رَجٌلٌ؟… القِيمَةُ هِيَ الأَهَمِ. مقال بقلم الزميلة✍️ زينب سليمي


هَلْ سَأَلْتَ مَرَةً إِذَا أَصْبَحَ لِلْمَرْأَةِ جَمِيعُ الحُقُوقِ، أَيْنَ تُصْبِحُ حُقُوقُ الرَّجُلِ؟
فِي البِدَايةِ جَمِيعُنَا يَعْلَمُ أَنَّ مُنْذُ القِدَمِ، كَانَتِ المَرْأَةُ تُطَالِبُ بِحُقُوقِها، فَهَلْ أَصْلًا كَانَتْ متّهضةً مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ؟
فِي الحَضَارَةِ الإِغْرِيقِيَّةِ، كَانَتِ المَرْأَةُ مُهَانَةً حَتَّى أَنَّهُم أَطْلَقُوا عَلَيْهَا “رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ” وَكَانَتْ تُعْتَبَرُ مِثْلَ الأَشْيَاءَ الَّتِي كَانُوا يَبِيعُونَها فِي السُّوْقِ، لَيْسَ لَدَيْهَا أَيّ حَقٍ وَمَحْرُوْمَةً مَنَ المِيرَاثِ وَمِنْ حَقِ التَّصَرْفِ بِالمَالِ. وَقَالَ أَشْهَرُ فَلَاسِفَةِ الإِغْرِيقِ “إِنَّ المَرْأَةَ رَجُلٌ غَيْرُ كَامِلٍ، وَقَدْ تَرَكَتْهَا الطَّبِيعَةُ فِي الدَرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ سُلَمِ الخَلِيفَةِ.”
أَمَا عَنْ وَضْعِ المَرْأَةِ بِالحَضَارَةِ الرُّوُمَانِيَةِ كَانَ سَيِّء جِدًا، لِأَنَّهُم إِعْتَبَرُوا أَنَّهَا مُجَرَدُ مِتَاعٍ وَمِلْكٌ لِلْرَجُلِ وَسِلْعَةٌ مِنَ السِّلَعِ الرَّخِيِصَةِ، وَإِعْتَبَرُوا أَيْضًا أَنَّها شَرٌ وَيَجِبُ أَنْ يَبْتعِدُوا عَنْهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمْلِكُ كُلَّ المَالِ وَيَعْتَبِرُ أَنَّ المَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ أَيَ قِيْمَةٍ وَكَانَ الرَّجُلُ لِدِيْهِ حَقَ إِصْدَارِ القَرَارِ بِأَنْ تَعِيْشَ أَوْ حَتَى تَمُوْتَ لِأَنَّهُم يُؤْمِنُوا أَنَّها بِلَا نَفَسٍ وَإِنَّهَا رِجْسٌ وَمَمْنُوعَةٌ عَنِ أَكْلِ الْلَّحْمِ، وَلَا الضَّحِكِ وَلَا الكَلَامِ، حَتَّى وَضَعُوا قِفْلَ حَدِيْدِي عَلَى فَمِهَا كَانَ يُسَمَى (المُوْزَلِير)
أَمَا الإِنْكِلِيزُ، كَانَتِ المَرْأَةُ عِنْدَهُم تُبَاعُ بِالْأَسْوَاقِ إِذَا كَثُرَتْ مَصَارِيفِها وَظَلَّتِ المَرْأَةُ مَحْرُوَمَةً مَنْ حَقِهَا الْكَامِلِ حَتَّى سَنَة ١٨٨٢، وَكَانَتْ تُبَاعُ حَسَبَ وَزْنِهَا وَهَذَا خِلَالَ القَرْنِ الحَادِي عَشَر.
حَتَّى فَرَنْسَا لَمْ تُعَامِلَ المَرْأَةُ بِالشَّكْلِ الصَّحِيْحِ فَفِي مُؤْتَمَرِ مَاكُون الَّذِي عُقِدَ عَامَ ٥٨٦م قَالُوا أَنَّ المَرْأَةَ إِنْسَانٌ فَقَط فِهِي خُلِقَتْ لِخِدْمَةِ الرَّجُلِ.
أَمَا اليَهُودُ صَبُوا كُلَّ غَضَبِهِم عَلَى المَرْأَةِ، فَكَانَتْ مُجَرَدَ سِلْعَةً رَخِيْصَةً تَنْتَقِلُ بَيْنَ أَحْضَانِ الرِّجَالِ بِطَرِيقَةٍ شَاذَةٍ وَقَالُوا عَنْهَا خَائِنَةً وَمُتَمَرِدَةً وَكَاذِبَةً وَذَلِيْلَةً وَاعتَبَرُوا أَنَّهَا لَعْنَةٌ لِأَنَّهَا أَغْوَتْ آدَم وَقِيْلَ فِي التَّوْرَاتِ “المَرْأَةُ أَمْرُ مِنَ المَوْتِ وَإِنَّ الصَّالِحَ أَمَامَ الله يَنْجُو مِنْهَا”
العَرَبُ أَيْضًا أَيَامَ الجَاهِلِيَّةِ، كانُوا يَعتَبِرونَ أَنَّ المَرْأَةَ عِبارَةٌ عَنْ مِتاعٍ مِن الأَمْتِعَةِ يَمْتلِكُوها مِثْلَ الأَمْوَالَ وَالبَهَائِمِ وَحُرِمَتْ مِنَ المِيراثِ وَكَانُ العَرَبُ دَائِمًا يَقُولُوا ” لا يَرِثُنا إِلَا مَنْ يَحْمِلُ سَيْفَنا” وَكَانَت مَصْدَرَ عَارٍ وَإِذا وَلَّدَتِ الزَّوْجَةُ بِنْتٌ تُدْفَنُ فَوْرًا وَهِيَ لَا زَالَتْ عَلَى قَيْدِ الحَياةٍ.
فِي عَامِ ١٩١٤، كَانَ هنُاكَ مُظَاهَرَةً فِي بَرْلِيْنِ لِلْمُطَالَبَةِ بِحَقِ النِّسَاءِ بِالتَّصْوِيتِ وَمَا كَانَ هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّظَاهُراتِ جَدِيْدٌ، لِأَنَّهُ تَمَّ تَنْظِيمُ مِثْلَهَا بِبَرِيِطَانْيَا وَفَرَنْسا ابْتِدَاءً مِنَ القَرْنِ التَّاسِعَ عَشَر. وَلَكِن مُظَاهَرَةِ ال ٨ مِنْ مَارس ١٩١٤ أَتَتْ مِنْ تَنْظِيمِ الصَّحَافِيَّةِ الأَلْمَانِيِّةِ كلارا زيتكين وَهِيَ صَاحِبَةُ الدَّعَوَةُ الأُولَى لِتَحْدِيدِ يَوْمٍ عَالَميٍّ لِلْمَرْأَةِ وَأَتَتْ هِذِهِ الدَّعْوَةِ بِعَام ١٩١٥ فِي أَثْنَاءِ انْعِقَادِ مُؤْتَمَرِ الأُمِمَية الّذِي جَمَعَ كُلَّ التَنْظِيمَاتِ اليَسَارِيَةِ العَالَمِيّةِ بِمَدِينَةِ كُوبِنْهاغِن الدِّنْمَارْكِيّةِ.
فِي عامِ ١٩٧٧ أَقَرَتْ مُنَظَمَةُ الأُمَمُ المُتَحِدَةِ يَوْمَ الثَّامِنِ مِنْ مَارِسِ يَوْمِ المَرْأَةِ العَالَمِيّ.
اِنْقَسَمَتْ نِضَالَاتُ المَرْأَةُ إِلَى ٣ مُوْجَاتٍ:
١- فِي مُنْتَصَفِ القَرْنِ الْتَّاسِعِ عَشَرِ، كَانَتْ ثَوْرَةُ الطُّلَابِ الَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى تَغْيِيِرِ القَوانِينِ الظَّالِمَةِ بِحَقِ المَرْأَةِ مِنْ خِلَالِ فَرْضِ مَبْدَأُ المُساوَاةِ، مِثْلَ التَّصْوِيتِ وَالْعَمَلِ.
٢- المُراجَعَاتُ الفِكْرِيَّةُ الَّتِي اِعْتَمَدَتْ عَلَى تَغْيِيِرِ التَّفْكِيرِ لَيْسَ فَقَطْ القَوَانِينَ وَتَمَثَلَّتْ بِكِتَابٍ “الجِنْسُ الثَّانِي” لِلْمُفَكِرَةِ الْفَرَنْسِيَّةِ سِيمُون دُو نُوفوار، مَعِ الْعِلْمِ مِنْ أَبْرَزِ الْأَسْمَاءِ المُفَكِرَةَ المَصْرِيَّةِ الْرَّاحِلَةِ نَوال السّعْدَاوي.
٣- فِي بِدَايَةِ الْتِّسْعِينِيَّاتِ، بَدَأَتِ المُطَالَبَاتُ تَعْتَمِدُ عَلَى تَحْوِيلِ الْفِكْرِ الْنِّسَائِيّ لِسِيَاسِيَّاتِ ضَغْطٍ.
فَقَط ١٨٥ دَوْلَةً اتَفَقوا عَلَى إِعْطَاءِ الْمَرْأَةِ حُقُوقِها.
إِذًا بَعْدَ مُعَانَاتِ الْمَرْأَةِ عَبْرَ الْزَّمَنِ لِلْوُصُولِ إِلَى بَعْضِ حُقُوْقِهَا وَبَقِيَتْ تُنَاضَلُ لِتُثْبِتَ نَفْسَهَا أَنَّهَا إِنْسَانٌ قَبْلَ أَيّ شَيْءٍ آَخَرٍ، الْيَوْمَ نَجِدُ بَعْضَ الْرِّجَالِ الَّذِين يُعَامِلُونَ الْمَرْأَةَ بِعُنْفٍ جَسَديّ وَنَفْسِيّ أَيْضًا.
الْيَوْمَ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَتَمَتَعُ بِحُقُوقٍ وَحُضُورٍ، وَلَكِنْ لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُلْغِي حَقَ الْرَّجُلِ أَيْضًا، وَنَفْهَمُ حَقًا مَبْدَأَ الْمُسَاوَاةِ وَالْأَخْلَاقِ بَيْنَ الْطَرَفَينِ وَنَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ طَرَفٍ لَدَيْهِ حُقُوْقٌ وَوَاجِبَاتٌ وَنَعْلَمُ أَكْثَرُ، أَنَّهُ قَبْلَ أَيّ شَيْءٍ نَحْنُ إِنْسَانٌ “يَمْتَلِكُ” قِيْمَةً.