من مِنَّا لَم يَتَجَرَّع نَصِيبَهُ من الخِذلَانِ؟ من مِنّا لَم تَصفَعهُ الحَيَاةُ بِخَيبَةِ خُذلَانٍ مُوجِعَةٍ؟ الكُلُّ؟ الكُلُّ أَخَذَ نَصِيبَهُ و لَو بِنِسَبٍ مُتَفَاوِتَةٍ، و لِنَزعُمَ بَأنّكَ الشَّخصُ الَّذِي لَم تَتَضَرَّعْ مَرَارَتُهُ، فَأسأَلَ اللَّهَ أَن لَايُذِيقَكَ غصَّةَ هَذَا الشُّعُورِ، لَأنهُ كُلَّمَا كَانَ مِن قَريبٍ لَكَ كُلَّمَا كَانَتِ الصَّفعَةُ أَقوَى لِأَنَّهَا لم تَكُن مُتَوَقَّعَةً.
حِينَ تَتَعَامَلُ مَعَهُم بِحُبٍّ وَ مَوَدَّةٍ وَ تُشَارِكُهُم الصَّغِيرَةُ وَالكَبِيرَةُ ( أَوَّلُ دَمعَةٍ، أَوَّلُ فَرحٍ، أَوَّلُ نَجَاحٍ…) كَطِفلٍ صَغِيرٍ مُنتَظِرًا مِنهُم بأن يُصَفِّقُوا لَكَ بِأَيدِيهِم فَتَكُونُ الصَّفقَةُ صَفعَةً على وَجهِكَ تُذَكِّرُكَ بِأَنَّك فِي نهايةِ المطافِ سَتبقَى أَنتَ وَ نَفسَكَ فَقَط!
كَانَ خِذلانُهم كَفِيلًا بِتذكيرِنا بِأَنَّ جميع اللَّحَظَاتِ التي جَمعتنَا بِهِم كَانت عِبارَةً عَن فُقاعَةِ صَابُونٍ تَلَاشَت، كَانَ عِبَارَةً عَن حَربٍ طَاحنَة. كُنّا نَخشَى مُوَاجَهتها خَشيَةَ القَتلِ فكانُوا هُمْ مَن قَتَلُونا .وَ لَكِنَّ رِسالتنا لِمَن خذلنَا :«مَاذَا كُنتَ تظنُّنَا؟
هل نَحنُ سِلعَةٌ تَنتَهِي صَلَاحيتهَا أم أنَّنَا دُميَةٌ يُمكِنُكَ العَبثُ بِهَا مَتَى شِئتَ؟ وَ لَكِن أَيّاً كانَ السَّببُ لَا ينفع، لِأَنَّ خذلَانكُم قَد حَوَّلَ قُلُوبَنَا البيضَاءَ إلَى أسطُحَ رَمَادِيَّة لَا تَنفعُ للعبثِ بِهَا أَكثَرَ.»
كَشَخصٍ وَاعٍ يَملِكُ العَقلَ الَّذِي هُو زينَةُ الإِنسَانِ تُوقف عن إعطاءِ الأَشيَاءِ أَكبرَ مِن حَجمِهَا فَتُصبِحُ أنتَ مخذولاً و تُحمّل نَفسَكَ سَببَ هَذهِ الخَيبَةِ بِسَبَبِ حُسنِ نِيَّتِكَ وَ ثِقَتِكَ الزَّائِدَةِ. فَرِسَالَتِي لِمَن ذاق ألمَ الخِذلَان و أَصبَحَ كُلُّ شيءٍ باهِتٍ أَمَامهُ، فبرغمِ هذه الصعوبَاتِ الحياةُ مُستَمِرَّةٌ أمَامكَ و لا يسعُكَ سِوَى الصبرِ و المُضي الى الأمام. أعلم ان هَذَا سيتطَلَّبُ جُهدًا ووقتًا مِنكَ وَ لَكِن فلنبصر دَائِمًا نحوَ النهايةِ نَحوَ خَلقِ فُرَصٍ جديدَةٍ تمنحُكَ المَزِيدَ مِن الإِيجابِية.
خِتَامًاً، لَا تَرفع سَقفَ تَوقعاتِكَ بِالآخَرِينَ لكي لَا تكونَ صَدمَتُكَ كَبِيرَةً، وَ تَذكر ذَلِكَ السَّجِينَ الذِي سمَحوا له بِالزيارةِ مرة فِي السنةِ فَلَم يَأتِي أحد…
عَن الخِذلَانِ أَتَحَدَّث!