الاحتباس بمعناه المطلق:هو الاحتكارُ أو الإستئثارُ، أو كلّ ما يدلّ على أزمات، وهو بطبيعة الحال ضدّ مفردات مثل: إشراك أو تقاسم أو مساهمة.
طالما أطربَنا سماعُ مصطلح “الاحتباس” في محاضرات حول المناخ والبيئة والفضاء… ولكن باستخدام علم”الّلوذعيّة” صار متاحاً استخدام تعبير “احتباس” للحديث عن الأزمة الوزاريّة “الاحتباس الوزاريّ” أو عن الأزمة الماليّة”الاحتباس الماليّ” أو “الاحتباس الأخلاقيّ” في الحديث عن أزمة السلوكيّات العامّة.
وبالعودة إلى “الاحتباس السّياسيّ” فهو أصدق تعبير عن الحاصل في لبنان، وهو وصف دقيق يصف الأزمة السّياسيّة وعجز الدّولة الّلبنانيّة عن الوصول إلى حلّ في مسألة تشكيل الحكومة وتدهور الوضع الاقتصاديِّ.
صحيحٌ أنّ علماء البيئة والمناخ تمكّنوا من معرفةِ أسبابِ التّغيّرات المناخيّة الطّبيعيّة، كما تنبّؤوا بما يمكن أن ينتج عنها من آثار وبالتالي حدّدوا الوسائل اللازمة لمواجهتهاوعلاجها. إلّا أنّ المناخ السّياسيّ الّلبنانيّ المتقلب على مدار الأسابيع الماضية بات عصيّاً على الفهم بالرّغم من معرفة الأسباب والنّتائج ولكن العلاج يبدو عقيماً في ظلْ هذا الاحتباس.
لم يشهد لبنانُ في تاريخِه تقهقراً سياسيّاً واقتصاديّاً وأخلاقيّاً كالحاصل اليوم في هذه الحقبة السّوداء من تاريخه المعاصر.
ثمّة أزمة أخلاق سياسيّة في لبنان، فالمعالجون المختصّون من أهل السّياسة والسّلطة معظمهم غائب عن الوعي السّياسيّ أو مغيّب، وآلياتُ المحاسبة معطّلة منذ زمن وقلّما كانت فعّالة، إضافةً إلى اضمحلال المؤسسات وتضارب المصالح.
من هنا نرى أنّ العلاقات داخل المنظومةالسّياسيّة الّلبنانيّة تتّصف بالجمود القاتل، فنشهد ثورةً بركانيّةً هنا أو حدوث زلزال هناك، وفيضانات من الاتّهامات والسّجالات الإعلاميّة المتبادلة، فضلاً عن موجاتٍ من المدّ والجزر وحالات الجفاف والجفاء.
لم يعد الاحتباس السّياسيّ وآثاره المدمّرة يقتصر على العلاقات الّلبنانيّة الّلبنانيّة بل تعدّاه ليطال العلاقات الّلبنانيّة_ الدّوليّة.
ويبقى السّؤال الأهمّ:إلى متى سيبقى الوطن رهينة هذا الاحتباس؟ وإلى متى سيبقى المواطن أسير هذا الرّهان؟!