التّعافي يبدأُ بالدّعم

التّعافي يبدأُ بالدّعم

بقلم: ريم محمد عيد رمضان
تدقيق: هادي محمود نصار

في خِضمِّ التّطوّراتِ المتسارعةِ في عالمِ الطبّ، غالباً ما نُركّزُ على الإنجازاتِ الجراحيّةِ والعلاجات الدوائيّةِ المتقدِّمة، ونتجاهلُ جانباً حيويّاً لا يقلُّ أهميّة : البعدُ الإنسانيُّ والإجتماعيُّ للمرض. فهلْ يمكنُ لمُستشفى حديثٍ أن يقدّمَ رعايةً شاملةً دونَ أن يوليْ اهتماماً كافياً للإحتياجاتِ النّفسيّةِ والإجتماعيّةِ للمريضِ وأسرتِه؟ فدورهُ يتجاوزُ مجرّدَ تقديمِ الدّعمِ النّفسيِّ ليصبحَ جزءاً لا يتجزّأُ مِن عمليّةِ الشّفاءِ و التّعافي.

يعملُ الأخصّائيُّ الإجتماعيُّ كجسرٍ يربطُ بينَ المريضِ والبيئةِ الطبيَّةِ المُعقّدة، ويسعى جاهداً للتّخفيفِ مِن التّحديّاتِ غير الطّبيّة الّتي قد تُعيقُ عمليَّةَ التّعافي، مِن التّعاملِ مع الضّغوطِ النّفسيّةِ النّاتجةِ عن التّشخيص، إلى المُساعدةِ في تدبيرِ الأمورِ الماليَّةِ المُتعلّقةِ بالعِلاج، وصولاً إلى توفيرِ الدّعمِ العائليِّ والتّنسيقِ مع الجِهاتِ الخارجيّةِ لتأمينِ الرّعايةِ بعدَ الخروجِ مِن المُستشفى. و يمتدُّ نطاقُ عملِ الأخصّائيّ الإجتماعيِّ ليشملَ جميعَ جوانبِ حياةِ المريضِ المتأثّرةِ بالمَرض. إنّهمْ يمتلكونَ مهاراتٍ فريدةٍ في تقييمِ الوضعِ الاجتماعيّ والنّفسيّ، وتحديدِ نقاطِ الضّعفِ والقوّة، ووضعِ خططِ تدخُّلٍ فرديّةٍ تتناسبُ مع كلِّ حالة.

إنَّ تجاهلَ دورِ الأخصّائيِّ الإجتماعيِّ قد يؤدّي إلى عواقِبَ وخيمةٍ على المريضِ ونظامِ الرِّعايةِ الصّحيّةِ على حدٍّ سواء. فالمريضُ الّذي لا يتلقّى الدعمَ الإجتماعيَّ الكافي قدْ يواجِهُ صعوبةً في الإلتزامِ بخطّةِ العلاج، أو قدْ يُعاني مِن تدهورٍ في حالتهِ النّفسيّة، ممَّا قد يؤثِّرُ على سرعةِ تعافيهِ ويزيدُ مِن مُدّة إقامتهِ في المُستشفى. كما أنّ غيابَ هذا الدّعمِ قد يؤدّي إلى زيادةِ مُعدّلاتِ إعادةِ الدُّخولِ للمستشفى، ممّا يشكِّلُ عبئاً إضافيّاً على المواردِ المحدودة. هُنا يبرزُ دورُ الأخصّائيِّ الإجتماعيِّ كعنصرٍ فعّالٍ في تعزيزِ الصّحّة الشّاملة وتقليلِ الضّغطِ على النّظام الطبيّ.

في الخِتام، لا يُمكنُنا أنْ ننظُرَ إلى الأخصّائيِّ الإجتماعيِّ في المُستشفى كخدمةٍ إضافيّةٍ أو ثانويّة، بلْ هو شريكٌ أساسيٌّ في رحلةِ المريضِ نحوَ التّعافي الشّامل. ومع تزايُدِ تعقيداتِ الرِّعايةِ الصِّحيّة وتنوُّعِ احتياجاتِ المرضى، هلْ حانَ الوقتُ لإعادةِ تقييمِ مكانةِ الأخصّائيّ الإجتماعيّ في منظومَةِ الرّعايةِ الصّحيَّة، وتقديمِ الدَّعمِ والتّقديرِ اللّازمينِ لتمكينِهمْ مِن أداءِ دورهمْ الحيويِّ بكفاءةٍ أكبَر؟