بقلم: زهراء عباس أبو زيد
تدقيق : فاطمة محمد صالح الموسوي
الحُبُّ شُعورٌ قديمٌ وراسخٌ في قلبِ الإنسَان، يحملُ في طيّاتِهِ الفَرح، والخَوف، والقَلق، والأمل. في زمنٍ يَطغى فيهِ العَقلُ والمَنطق، أصبحَ البعضُ يشكِّكُ في جَدوى الحُبّ، ويراهُ ضعفاً أو ترفاً لا وقتَ لَه. وفِي المُقابِل، هناكَ مَن يراهُ حاجةً ضروريّةً تمنحُ للحياةِ مَعنَاهَا ودفأهَا، فهلِ الحُبُّ ضروريٌّ لِيكتملَ الإنسَان، أمْ يمكنُ الاستغناءُ عنهُ دونَ أنْ يفقدَ شيئاً مِن ذاتِه؟
الحُبُّ الحقيقيُّ ليسَ فَقط مشاعرَ عابِرة، بَل هو تواصلٌ عَميق، وشُعورٌ بالأمانِ والانتِماء. يشعرُ الإنسانُ مِن خلالِهِ بأنّهُ مرئيٌّ ومَفهوم، وهَذا بحدِّ ذاتهِ يمنحُهُ القوّةَ والدّعم. الحُبُّ لا يُلغِينا، بلْ يُعيدُ ترتِيبَنا مِنَ الدّاخِل، ويكشفُ أجملَ ما فِينا حينَ نُعطيهِ بحريةٍ وصِدق. لِهذا، هو ليسَ ضَعفا، بلْ حاجةٌ نفسيّةٌ وروحيّةٌ تعزّزُ شعورَ الإنسانِ بذاتِهِ وبالآخَرين.
لكنْ فِي المُقابل، قدْ يتحوّلُ الحُبُّ إلى سببٍ للقلقِ والألمِ عِندما يكونُ غيرَ مُتوازن، أو عِندما يُبنى على التعلّقِ بدلَ النّضج. لذلِك، مِنَ المهمِّ أنْ نعيشَ الحُبَّ بوعيّ، لا كوسيلةٍ للهروبِ مِنَ الوِحدة، بل كشراكةٍ حقيقيّةٍ تقومُ على التّفاهُمِ والاحتِرام. فالحُبُّ النّاضجُ لا يُقيّد، بلْ يُحرّر.
فِي النّهاية، الحُبُّ ليسَ ضعفاً كما يُقال، بلْ هو شكلٌ مِن أشكالِ القوّةِ الإنسانيّةِ الأعمَق. وجودُهُ يُضيفُ للحياةِ عمقاً لا يمكنُ لشيءٍ آخرَ أنْ يمنّحَه. فهلْ يمكنُنا أنْ نتعلّمَ كيفَ نحبُّ بطريقةٍ تحرّرُنا بدلَ أنْ تقيّدَنا، وكيفَ نختارُ مَن يستحقُّ هذا الجُزءَ النقيَّ مِنّا؟