الصَّحافَة عينُ المجتمعِ ولسانُ الحقِيقة

الصَّحافَة عينُ المجتمعِ ولسانُ الحقِيقة

بقلم: زهراء عبّاس أبوزيد
تدقيق: فاطمة محمّد صالح الموسويّ

منذُ نشأتِهَا، شكَّلَتِ الصِّحافةُ مِرآةً تعكِسُ نبضَ الشُّعوبِ وهُمومَهَا، ونافذةً يطلُّ منهَا الإنسانُ علَى أحداثِ العالمِ وتطَوّراتِه. فهِي ليسَت مُجرَّدَ وسِيلةٍ لِنقلِ الأخبَار، بَل رِسالةً سامِيةً تقومُ علَى البحثِ عَن الحقيقةِ والدِّفاعِ عَن قضَايَا المُجتمع. لكِن، هلِ الصِّحافةُ اليومَ مَا زالَت تُحافظُ علَى رسالتِهَا النَّبيلةِ وسطَ زخمِ التَّحدّيات؟

إنَّ الصِّحافةَ الحرّةَ تُعتبرُ سلطةً رابعةً في أيِّ مُجتمع، إذْ تُساهمُ فِي مُراقبةِ السُّلطةِ وكشفِ الفسَاد، كمَا تُنيرُ العُقولَ بِالمعلومةِ الصَّادقةِ والتَّحليلِ العمِيق. فالصّحفيُّ لا يكتفِي بسردِ الأحدِاث، بَل يُحاولُ أنْ يمنحَهَا مَعنى، وأنْ يضعَ القَارئَ أمامَ صورةٍ مُتكاملةٍ تُساعدُهُ علَى التَّفكيرِ واتخاذِ المواقِف. وبذلِك تُصبحُ الصّحافةُ مدرسةً للتَّثقِيف، ووسِيلةً لترسِيخِ قيمِ العدالةِ والوَعيّ.

غيرَ أنَّ الصِّحافةَ تواجُهُ اليومَ تحدّياتٍ جمَّة؛ منَ الضُّغوطِ السِّياسيّةِ والإقتِصاديّة، إلَى هيمنةِ الإعلامِ الرَّقميِّ وانتشارِ الأخبارِ الكاذِبة. إلّا أنَّ قوّةَ الصِّحافةِ تكمنُ في تمسُّكِها بالموضُوعيّةِ والمِصداقيّة، وفِي استمرارِهَا كصوتٍ للضُّعفاءِ ووسيلةٍ لِتقريبِ الحقيقةِ منَ النَّاس.

وفِي النِّهاية، تبقَى الصّحافةُ شُعلةً لا تنطفِئ، تحملُ الأملَ في مستقبلٍ أكثرَ وعياً وعَدلا. فالمجتمعُ الّذِي تُكبَتُ فيهِ الصّحافةُ يعيشُ فِي ظَلام، بينَما المجتمعُ الّذِي يحميهَا يضمنُ لنفسِهِ النُّورَ والحُرّيّة. فهَل نستطيعُ فِي زمنِ السُّرعةِ والتّكنولوجيَا أن نُحافظَ علَى جوهرِ الصِّحافةِ كرسالةٍ لِلحقّ، لا كوسِيلةٍ للتَّرفيهِ أو التَّضلِيل؟