“عدلٌ قائِمٌ خيرٌ مِن عطاءٍ دائِم”.فما أجملَ أن يكونَ هُناك عدلٌ ومساواةٌ بينَ الجَميع، فإنَّهُ ميزانٌ وضَعهُ الله للخَلْقِ ونَصَبهُ للحقّ ،كما أنَّهُ ملاكُ الخَيرِ و رأسُ الفَضيلةِ و عليهِ تتوقَّفُ سَعادةُ و طُمأنينةُ البَشَر.
العَدالةُ هِي الضَّمير، وليسَت ضَميرَكَ الشَّخصِيّ بَل ضَميرُ البَشرِيَّةِ أجمَع، و إن ماتَ الضَّميرُ ماتَ بمَوتِه العَدلُ و الحياءُ .جاءت في سُورةِ النَّحل دَعوةٌ لافِتةٌ إلى العدلِ المُطْلَقِ : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، فإنَّهُ أمرُ الله فكيفَ للبَشريَّةِ أن تُقاضِيَ ظُلماً و أنانِيّة؟
المُصيبةُ ليسَت فِي ظُلمِ الأشرارِ، بل في صَمتِ الأخيار، فنَحنُ فِي مُجتَمعٍ الأغلَبِيّةُ مِنهُ لا يتَكلَّمونَ الحقَّ بل يَرضونَ بالباطِل و يدافِعونَ عَنهُ ، و لقَد سمى اللهُ تعالى هؤلاءِ بالفُجَّار “الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ”.
يَقولُ أبوالفتح البستي: عليكَ بالعدلِ إن وُلِّيتَ مملكةً واحذرْ مِن الجوْرِ فيها غايةَ الحذرِ. فالمَلِكُ يبقَى على عدلِ الكفورِ ولا يبقَى مع الجوْرِ في بدْوٍ ولا حَضَرِ.