في زمنٍ قديمٍ قيلَ أنَّ ضربَ الشَّخصِ هوَ لمَصلحتِهِ و قيلَ أيضاً ” ضربُ الحبيبِ زبيب” و لكن، هل مفهومُ العنفِ يُصنَّفُ على اساسِ حُبٍ ام كُره؟ هذا ما سنطرحُهُ اليومَ في هذا المَقال.
العُنفُ و هِي كَلمةٌ تدلُّ على نَفسِها، هوَ ضربُ أو إهانةُ شخصٍ بفعلٍ أو بكلمةٍ، من شخصٍ ذو قوّةٍ معيّنة بشخصٍ أقلّ قوّةٍ.
المُتعارفُ عليهِ أنّ العُنفَ يُعتبرُ من أسوءِ وسائلِ التَّعبيرِ، إذ أنّهُ يُسبِّبُ اضطراباتٍ نفسيّةٍ لدى الشَّخص، لا سيّما الأضرارَ الصّحية. و لرُبّما سيُصبِحُ الأمرُ وراثياً من جيلٍ إلى جيلٍ فقط لتَسويَةِ بعضٍ من الثّأرِ الذي لَحقَ بالشّخصِ.
إنّ للعُنفِ أشكالاً مُتعدِّدَة، فمثلاً هُناكَ العُنفُ المَنزليُّ و الّذي يُعتبرُ أساساً شائعاً في المُجتمعِ، حيثُ أنّهُ يأتي مِنَ الأب او الأم فيضرِبونَ أولادَهُم بِشدَّةٍ على أيّ فعلٍ أو حتّى بشتمِهِم فيولِّدُ ذلكَ حالاتً نفسيةً مُعينةً لدى الأطفال، هؤلاءِ الأطفالُ الّذي ينتظِرُهم المُجتمع!من ناحيةٍ أخرى هُناكَ العُنفُ الإقتصاديّ حيثُ يُحاولُ الشَّخصُ السيطرةَ على الناسِ بأموالِه، فيُصبحونَ مُجبرينَ على تحمُّلِ مشقَّةٍ مُعيّنةٍ و كلامٍ جارحٍ فقط من أجلِ الحصولِ على الأموالِ من شخصٍ لا يَرحم.هناكَ أيضاً العُنف النّفسيّ و هو يتضمَّنُ إيذاءَ شخصٍ بكلامٍ ما، أو لرُبّما إيذاءَ الأبِ للأمّ بكلمةٍ أو بفعلٍ أمامَ الأولادِ مِما يُسبِّبُ حالةً مِن الذُّعرِ و حالاتٍ نفسيّةٍ أيضاً.
أمّا العُنفُ العاطِفيُّ فهُو عُنفٌ يتضمَّنُ إيذاءَ الشّخصِ و نقدَهُ طوالَ الوقتِ و عدمَ إعطائِهِ أيّ دافعٍ لو محفِّز، و التّقليلُ من شأنِهِ و توجيهُ الشتائِمِ إليهِ و الألفاظِ السيِّئة.
أمّا العُنفُ الجسديُّ فهُو يتضمَّنُ ضربَ الشَّخصِ و إيذائهِ وركلهِ وصفعِه دونَ أيّ رعايَةٍ طُبِّيةٍ.أسبابُ العُنفِ متعدِّدةٌ فمِنها العُنفُ داخِلَ الأُسرةِ، أسبابٌ طبِّيةٌ، وسيلةٌ للحُصولِ على الأشياءِ المرغوبِ بِها، وسيلةً للسيطرةِ على المَواقِفِ و اكتسبَها لصالِح الشَّخص، الشُّعورُ بالنّقصِ.
أسبابُ و طُرقُ العُنفِ كثيرةٌ جداً، يَجبُ أن نَسعى لِتخفيفِها و التَّخلُّص مِنها فَمثلاً الدِراسَةُ العِلمِيّة للأنظِمةِ والتّشريعاتِ الّتي تَضبِطُ سُلوكَ الأطفالِ في المَدارس، إستغلالُ الدورِ الإعلامِيّ في حلِّ ظاهِرةِ العُنفِ، تكوينُ مؤسساتٍ تهتمُّ بشؤونِ الأُسرة، تَنظيمُ الندواتِ لزيادةِ الوعِي الدّينيّ، والأخلاقيِّ، والتّربويّ، والتّعريفُ بحقوقِ الطِّفلِ وواجباتِ المُربينَ تجاهَهُم، التَّعاونُ مع الجِهاتِ المسؤولَةِ والإبلاغَ عِن أيِّ ظاهرةِ عُنفٍ مُتوفِّرةٍ، و غيرِها مِنَ الحلولِ الّتي تُساعِدُ في إيقافِ هذا الفِعل.
و اخيراً، إنّ العُنف هوَ أسوءُ أنواعِ التّعبيرِ و أشدُّهُم ظُلماً، إنَّ العُنفَ كالوشمِ كُلّما طالَ عليهِ الزَّمنُ كُلَّما أصبحَ نِسيانُه أصعَب! و لكن هلْ سيأتِي يَومٌ و سَيُصبِحُ العُنف كال”زَبيب”؟