بقلم: ريان إبراهيم نجم
تدقيق : فاطمة محمد صالح الموسوي
في زمنٍ تكسَّرَتْ فيه البُوصلات، وارتفعَت فيهِ راياتُ الظُّلم، وقُصِفَت فيهِ المَدارس، وحوصِرَ فيهِ العقل، بقيَ العِلمُ آخرَ أهمِّ الأسلِحةِ في عالَمِنا المُنهَك، إذْ أنَّنا نعيشُ اليومَ تناقضاً مُوجِعاً بين الإنسانِ والآلة. فَهل ستحلُّ الآلةُ مكانَ الإنسان؟ ومَنِ الذي يجبُ أنْ يتسلَّحَ بالعِلم؟
العِلمُ ليسَ رفاهيَّةً وتَرَفا، ولا كتاباً يُوضَعُ في رفوفِ المكتبَات، ولا هو محاضرةٌ على منصَّةٍ إلكترونيَّة، بَل هو طَوقُ نَجاة، وذاكرةُ الإنسانِ في صِراعِهِ الأبديِّ معَ النِّسيان. فقدْ ربطَ العِلمُ بين القَارات، وعلَّمَ أطفالَ أقاصِي الرّيفِ أنَّ للحياةِ أبواباً غيرَ الفَقرِ والحِرمان، هُو الذي حوَّلَ الخوفَ إلى معرِفة، والمرضَ إلى عِلاج.
على الرّغمِ مِنْ ذلِك، فقدْ تجلَّتِ الإبتِكارات، وكوَّنَت عقولاً رقميَّةً تُحاكي البشَر، وصمَّمَتْ أنظمةً تقرأُ الأفَكار. فالرّوبوتاتُ أصبحَتْ تدخُلُ غرفَ العمليّاتِ بدقَّةٍ خارِقة، وتقنيّاتُ ألواحِ الطّاقةِ الشّمسيّةِ تُعيدُ الأملَ إلى القرى المنسيَّةِ.
الإبتكارُ موجُود… لكنَّ العَدالةَ غائبة!
حينَما تتسَاقطُ المُؤسّسات، وتفشلُ الأنظمةُ الإلكترُونيّة، يظهرُ العِلمُ كرِسالة، مِنَ العقلِ في مواجهةِ الفَوضى العارِمة، منَ النورِ في حضرةِ الظُّلْمَةِ.
فالعِلمُ ليس سِلعةً ليُباع،بل هُو ضميرُ العالَم، وعدٌ وأملٌ للخَلاص.
ختاما،يجبُ التّأكيدُ على ضرُورةِ التّقدمِ والتّطورِ والإبدَاع، لكنْ ليسَ بِصفقةِ تَسليعٍ للعِلم، ولا عبرَ بالإحتِكارِ أو جعلِ الآلةِ أولاً قبلَ الإنسَان، كما يجبُ أنْ تُقاسَ قيمةُ الإكتشافاتِ بعددِ الأرواحِ الّتي تُنقذُها، لا بِعددِ الأسهُم، وأن يصبحَ العالِمُ مربِيّاً و ناقلاً للنُّور، لا مُوظفاً لدى الشّركاتِ و الآلات. فَهل يُعادُ تعريفُ “التَّقدُّم”؟ أم يُسلبُ العلمُ و تُرجَّحُ عَالياً كفّةُ الآلة ؟