القنَب ومخاطِرُ استخدامِهَا

القنَب ومخاطِرُ استخدامِهَا

بقلم: المختصّة بتصميم الحميات العلاجيَّة والغذائيَّة والرياضيَّة ابتسام موسى شريف
تدقيق: هادي محمود نصّار

عشبَةُ القنَبِ أو حشيشَةُ الكيفِ هِي نبَاتٌ عشبِيٌّ سنوِيٌّ ينتَمِي إلى فصيلَةِ القنبِيَّات، ويعرَفُ علمِيّاً باسمِ “Cannabis sativa”. تعتبَرُ مِن أقدَمِ النّباتَاتِ الّتِي استعملَهَا الإنسَانُ لأغرَاضٍ متعدِّدَة، إذ استعمِلَت أليافُها فِي صناعَةِ الحبَالِ والملابِس، وزيتُهَا فِي الطّبِّ الشَّعبِيّ، كمَا استخدِمَت أوراقُهَا وزهورُهَا لأغرَاضٍ طبيّةٍ وترفيهِيَّة.

تحتَوِي عشبَةُ القنَـبِ علَى مركّبَاتٍ كيميائيَّةٍ فعّالَةٍ تعرَفُ باسمِ الكانابينويدات (Cannabinoids)، وأشهرُهَا رباعِيُّ الهيدروكانابينول (THC) المسؤُولُ عَن التّأثيرَاتِ النّفسيَّةِ والمخدِّرَة، والكانابيديول (CBD) الّذِي يتميَّـزُ بخصائِصٍ علاجيَّةٍ دُونَ التّأثِيرِ علَ الوَعي.

يختلِفُ تأثِيرُ القنَبِ بحسَبِ طريقَةِ استخدامِهِ وكمّيَّةِ المادَّةِ الفعّالَةِ فِيه، فبينَماَ يستفَادُ مِنهُ فِي بَعضِ الأدويَةِ لتخفِيفِ الألَم، وعلَاجِ بَعضِ الإضطرابَاتِ العصبيَّةِ والنّفسِيَّة، فإنَّ الاستخدَامَ غَيرِ المنضبِطِ لحشيشَةِ الكيـفِ يعَدُّ خطَراً علَى الصّحَّةِ الجسديَّةِ والعقلِيَّة، وقَد يؤَدِّي أيضاً إلى الإدمَانَ ويسبِّبُ أيضاً مشكلَاتٍ اجتماعيَّةٍ عَديدَة.

بالرُّغمِ مِن الفوائِدِ العديدَةِ لهذِهِ العشبَةِ إلَّا أنَّ انتشارَهَا الكثِيفَ بينَ الفئَاتِ العمريَّةِ الشَّبابيَّةِ وحتَّى الصَّغيرَة، جعَلَ ناقُوسَ الخطَرِ يدُقُّ فِي العديدِ مِن البلدانِ المُتطورَةِ علمِيّاً وصحِّيا، فأصبَحَت هذِهِ العشبَةُ تشكِّلُ كابوسَاً علَى مَن يتعاطونَهَا، إذ إنَّ إدمانَهَا سرِيعٌ ودُونَ آثارٍ واضحَةٍ فِي بدايةِ تعاطِيهَا، فيعتمِدُ علَيهَا الشّخصُ مِن بابِ شعورِهِ بالفرَحِ والسّعَادَة، ولكِن فِي حقيقَةِ الأمرِ هُو أدمَنَ عليهَا وبدونِهَا يشعُرُ بالكآبَةِ والملَلِ والتَّملمُل، وهَذا ما يشكِّلُ الخطَرَ الأكبَرَ حيثُ أنَّ الغالبيَّةَ العُظمَى مِن مَن اعتادُوا تعاطِيهَا هُم مِن الفئَاتِ العمريَّةِ الغَيرِ مُنتجَةٍ أو تكونُ محدودَةَ الإنتَاجِ مادِّيا، مِمّا يضطَرُّ أغلبَهُم للقيَامِ بأعمَالٍ منافيَةٍ للقانُونِ للحصولِ علَيهَا، ويصِلُ الحالُ بهِم إلى سرقَةِ ذويهِم.

أمَّا مِن النّاحيَةِ الصّحِّيَّة: فهنَاكَ العدِيدُ مِن المشكلَاتِ الّتِي تؤدِّي إلى الوفَاةِ أحيَانا.

بالنّسبَةِ إلى المراهِقِين، تؤثِّرُ بشَكلٍ كبيرٍ فِي نمُوِّ وتطوُّرِ الدّمَاغِ عندَهُم، ممَّا يضعِفُ القدرَاتِ الذّهنيَّةِ لاحِقاً ويزيدُ مِن مخاطِرِ إدمانِهَا فِي سنٍّ مبكِرٍ جِدّا.

الأضرَارُ العامَّةُ علَى جمِيعِ الأعمَار: تأثيراتُهَا علَى الدّمَاغِ والجهَازِ العصبِيِّ تسبِّبُ ضعفاً فِي التّركِيزِ والذّاكرَةِ والانتِبَاه، تُؤدِّي إلى بُطءٍ فِي التّفكِيرِ وصعوبَةٍ فِي اتخَاذِ القَرارَات، وتسبِّبُ القلَقَ والاكتِئابَ والذُّهانَ وخاصَّةً عندَ المراهِقِين.
تؤثِّرُ علَى القلبِ والجهَازِ التنفُّسِيّ، تسبِّبُ ارتفَاعاً فِي معدَّلِ ضربَاتِ القلبِ وضغطِ الدَّم، استنشَاقُ دخانِهَا أو تدخينُهَا يؤدِّي إلى تهيُّجِ الرئتَينِ وزيادَةٍ خطَرِ الإلتهَابِ فِي الجهَازِ التنفُّسِيّ، فأضرارُهَا مثلَ أضرارِ التّدخِينِ العادِيِّ.
اضطرَابٌ فِي النَّومِ والشّهيَّة: تسبِّبُ الأرَقَ والشُّعورِ بالنّدَمِ والنَّومِ الغيرِ المنتَظِم، تغيّرُ في الشّهِيَّة، فقَد يزيدُهَا عندَ البعضِ أو يقلّلُهِا عندَ الآخرِين.

تأثيرها على القدرةِ الإنجابيةِ:

  • عندَ الذّكُور: انخفَاضُ عدَدِ الحيوانَاتِ المنويَّةِ وجودتِهَا بسبَبِ تأثِيرِ المركّبَاتِ النّشطَةِ فِي القنَبِ علَى خلَايَا الخصيَة، اضطّرَابٌ فِي إنتَاجِ هرمُونِ التستوستيرون ممَّا يؤدِّي إلى ضعفِ الرّغبَةِ الجنسيَّةِ والقدرَةِ علَى الانتِصَاب، قَد يؤدِّي الاستخدَامُ المزمِنُ إلى عُقمٍ مؤقَّتٍ أو دائِمٍ فِي بعضِ الحالَات.
  • عندَ الإنَاث: تسبِّبُ اضطرَاباً فِي الدَّورةِ الشّهريَّةِ نتيجَةَ تأثِيرِ القنَبِ علَى الهرمونَاتِ الأنثويَّةِ (الاستروجين والبروجسترون)، وضعفاً فِي التّبويضِ ممَّا يقلِّلُ فرَصَ الحَمل، والتوتُّرَ وتقلُّبَ المزاجِ والأرَقَ ممَّا يضعِفُ المناعَةَ بشَكلٍ عامّ، ممَّا يؤثِرُ علَى جودَةِ الحملِ ويعرِّضُ الحامِلَ لمضاعفَاتٍ عديدَة، ويعمَلُ علَى زيادَةِ خطَرِ الإجهَاضِ أو الولادَةِ المبكِرَة، وفِي حالِ حصُولِ الحَملِ قَد يؤدِّي التّعاطِي إلى تأخِيرِ نموِّ الجنِينِ أو انخفَاضِ وزنِه، ممَّا يعرِّضُ الجنِينَ لمخاطِرَ عديدَةٍ بعدَ الولادَة.

المطلُوبُ مَن الأهلِ والمدارِسِ ومراكِزِ التّوعيَةِ الاجتماعيِّةِ العمَلُ علَى نشرِ هذِهِ المخاطِرِ كَي لا تبقَى صورَةُ هذِهِ العشبَةِ ورديَّةً فِي نظَرِ وذهنِ الأجيالِ النَّاشئَة.

عزيزِيَ القارِئ، بعدَ اطلاعِكَ علَى هَذا المقَال، هَل تتردَّدُ بعدَ ما اطلَعتَ علَيه، وهَل مازلتَ تظَنُّ بأنَّ هذهِ العشبَةَ هيَ مصدَرُ السعادَةِ والفرَحِ متغافِلاً عَن أضرارِهَا؟