اعتادَ اللبنانيُّونَ على إنتظارِ المونديالِ بشغفٍ، العرسُ الكرَويُّ العالميُّ الذي ينتظرهُ العالمُ مرَّةً كُلَّ أربعةِ أعوامٍ، بحماسهِ و تشويقهِ ومظاهرهِ الإحتفاليَّةِ و التَّنافسيَّةِ التي بدأت تعمُّ لبنان منذُ أيّامٍ، سواءً عبرَ مواقعِ التواصلِ الإجتماعيِّ أو على أَرض الواقعِ. لكن و على الرُّغمِ من هذا كلِّهِ، يُطلُّ المونديالُ هذهِ المرَّة في زمنِ الإنهيارِ الكبيرِ، و ما هوَ مؤكَّدٌ، أنّهُ ما بعدَ الأزمةِ ليسَ كما قبلَها.إنتظرَ اللُّبنانيُّونَ حتَّى اللَّحظةِ الأَخيرةِ لمعرفةِ فيما إن كانت السُّلطةُ اللُّبنانيَّةُ ستنجحُ في الحصولِ على حقِّ بثِّ المبارياتِ ليتابعونَها مجانًا، و لكن جرت الرِّياحُ بما لا تشتهيهِ سفنُ اللُّبنانيِّينَ، فقد إنطلقَتْ صافرةُ البدايةِ لِكأسِ العالمِ لعامِ ألفين واثنينِ وعشرينَ، ، دونَ تصاعدِ الدُّخانِ الأبيضِ. في حين لَا يزالُ مسؤُولُو الدَّولةِ اللُّبنانيَّةِ يبحثونَ عن طريقةٍ لتمويلِ عرضِ تلفزيون لبنانَ لمبارياتِ كأسِ العالمِ المُقامةِ في قطرَ، علمًا أَنَّ المسألةَ سهلةٌ للغايةِ ولا تتطلَّبُ سوى تبرُّعٍ مِن أَصحابِ الملَايِينِ والملياراتِ الذين راكموا ثرواتِهم على إنقاضِ هذهِ البلادِ، كونُ هذا المبلغ لا يتعدَّى الخمسَةَ ملايِينِ دولارٍ، بدلَ الدُّخولِ في متاهاتٍ سياسيَّةٍ تتعلَّقُ بالحاجةِ لإنعقادِ مجلسِ الوزراءِ، و هو أمرٌ مستحيلٌ حالِيًّا بحسبِ ما تردَّدَ عن لسانِ وزيرِ الإعلامِ في حكومةِ تصريفِ الأعمالِ زياد مكّارِي، وما اكَّدُهُ رئيسُها نجيبُ ميقاتي لاحقًا. و مع استمرارِ الوعودِ للوُصولِ لحلٍّ لهذهِ العقدةِ، لا يأملُ اللُّبنانيُّ خيرًا وهوَ الَّذي ذاقَ الأمرَّينِ مع هكذا رؤساء في ضوءِ ما سبقَ، يجدُ اللُّبنانيُّ نفسهُ محصورًا بخياراتٍ قليلةٍ أحلاها مُرّ و تكبِّدهُ دولاراتٌ “فريشٍ”. في العادةِ، يقومُ الرَّاغبونَ بِمشاهدةِ مبارياتِ كأسِ العالمِ بالإشتراكِ في باقاتِ شركةٍ “” الَّتي تملكُ حقوق البثِّ، و في لبنانَ تبيعُ شركةُ “سمَا” هذهِ الخدمةَ إلى الموزِّعينَ و المنازلِ و المطاعمَ. و بالحديثِ عن الأَسعارِ، نجِدُ أنّ البدلَ المترتِّبَ على الإشتراكِ يبلغُ حوالي التسعينَ دولارًا أميركيًّا في حالِ توفُّرِ الجِهازِ الخاصِّ بالمُشاهدةِ أي “الرِّيسيفَر”، و الَّذي يبلُغُ سعرهُ حوالي الأربعينَ دولارًا. و قد يرتفعُ بدلُ الإشتراكِ كلَّما ارتفعَت جودةُ الباقاتِ المختارةِ و نوعيَّتُهَا. و في حديثٍ “لِلسَّمَا نيوز” معَ أحدِ موزِّعي “السّتلايت”، يُؤكِّدُ أنهُ يبيعُ القنواتِ لِلزَّبونِ بسبعينَ دُولارًا، يدفعُ منها خمسة وخمسون دولارًا للوكيلِ، الأَمرُ ذاتهُ ينطبقُ على موزِّعِي “خدماتِ الكايبِل”، معَ العلمِ أنَّ السِّعرِ قد يختلفُ من منطقةٍ إلى أُخرى نظرًا لِبعضِ الفوضى بالتَّسعيرِ بينَ المناطقِ و بينَ موزَّعٍ و آخرَ.
بالمقابلِ، كان على أصحابِ المقاهي و المطاعمِ، و بحسبِ موقعِ المقهى و مساحتهِ وحجمِ الإقبالِ عليهِ، دفعُ مبالغَ كبيرةٍ مقابلَ عرضِ المبارياتِ، تبدأُ من ثلاثةِ آلافِ دُولارٍ وصولًا إلى عشرينَ أَلف دولارٍ خلالَ شهرِ المونديالِ بناءً عليهِ، سمحَت وزارةُ السِّياحةِ لهذهِ المؤسساتِ السِّياحيَّةِ بِإستيفاءِ رسمِ دخولٍ عن كُلِّ شخصٍ. و بعد إستمزاجِ آراءِ أصحابِ المقاهي تبيَّن أن تلكَ الَّتي تكبَّدت للوكيلِ مبالغَ فاقَت العشرةَ آلَافِ دولارٍ اعتَمدت فرضَ رسمِ دخولٍ، على الكرسيِّ، يَتراوح ما بين الخمسة و خمسة عشرَ دولارًا أميركيًّا، أمًّا المقاهي الَّتي دفعَت أقلَّ من عشرةِ آلافِ
دولارْ فقد فضَّل أصحابها إعتمادَ مبدَأِ الحدِّ الأَدنى للفاتورةِ، ثلاثمئةِ الفِ ليرةٍ على سبيلِ المثالِ. هذا هو الحالُ في العاصمةِ و محيطِها و على صعيدِ المقاهي الكبِيرةِ، أمَّا فِي القرى الجبليَّةِ و المقاهي الشَّعبِيَّةِ، فقد بقيت المشاهدةُ شبهُ مجَّانيَّةٍ خاصَّةً أنّ الموزِّعينَ لم يفرِّقوا بينهَا و بينَ المنازلِ بناءً عليهِ، سمحَت وزارةُ السِّياحةِ لهذهِ المؤسّساتِ السِّياحيَّةِ بِإستيفاءِ رسمِ دخولٍ عن كُلِّ شخصٍ. و بعد إستمزاجِ آراءِ أصحابِ المقاهي تبيَّن أن تلكَ الَّتي تكبَّدت للوكيلِ مبالغٌ فاقَت ال عشرةَ آلَافِ دولارٍ اعتَمدت فرضَ رسمِ دخولٍ، على الكرسيِّ، يَتراوحُ ما بين ال الخمسة و الخمسةَ عشرَ دولارًا أميركيًّا، أمًّا المقاهي الَّتي دفعت أقلَّ من عشرةِ آلافِ
دولارٍ فقد فضَّلَ أصحابها إعتمادَ مبدَأِ الحدِّ الأَدنى للفاتورةِ، ثلاثمئةِ الفِ ليرةِ على سبيلِ المثالِ. هذا هو الحالُ في العاصمةِ و محيطها و على صعيدِ المقاهي الكبِيرةِ، أمَّا فِي القرى الجبليَّةِ و المقاهي الشَّعبِيَّةِ، فقد بقيت المشاهدةُ شبه مجَّانيَّةٍ خاصَّةٍ إن الموزِّعينَ لم يفرِّقوا بينهَا و بينَ المنازلِ.
إزاءَ هذا الواقعِ، لم يقفْ اللُّبنانيُّ “الحربوق” مكتوفَ اليدينِ، فقد انتشرَت الكثيرُ من الأفكارِ لمشاهدةِ مبارياتِ كأسِ العالمِ بطرُقٍ أخرى، أبرزُها عبر الرَّوابطِ التي تبثُّ المبارياتِ على الإنترنت و لكنَّها غالبًا ما تكونُ سيئةَ الجودةِ، أو من خلالِ تحميلِ بعضِ التَّطبيقاتِ التي توفِّرُ الكثيرَ من القنواتِ و تسمحُ بمشاهدتِها، و منها القنواتُ التي تبثُّ كأسَ العالمِ، و حتمًا بطريقةٍ غيرِ شرعيَّةٍ. إنّ معظمَ هذه الخياراتِ تبقى حكرًا على الفئةِ الميسورَةِ من اللُّبنانيّينَ، أو المتوسِّطةِ رغمَ قلَّتِها، إنّما الفقراءُ يكتَفونَ بانتظارِ معجزةٍ تُثمرُ بنقلٍ مجّانيٍّ للمونديالِ على تلفزيون لبنان.
ليسَ غريبًا أن ينطبِقَ على الشَّعبِ اللُّبنانيِّ المثلُ القائلُ “كيف ما كبيته بيجي واقف”، لأنَّهُ اعتادَ على مواجهةِ الأزماتِ و التَّعايشِ معها، و لكن المؤكد ، أنّ المونديال، في زمنِ الإنهيارِ الكبيرِ، سيحلُّ ضيفًا ثقيلًا يزيدُ الأعباءَ و التَّكاليفَ على شعبٍ مُنهَكٍ.