مقال بقلم ريم محمد عيد رمضان
تدقيق : فاطمة محمد صالح الموسوي
تلعبُ العاداتُ والتّقاليدُ دوراً مِحوريّاً في تشكِيلِ المُجتمعاتِ الإنسانيَّة، فهي تمثِّلُ مَجموعةً مِن القِيَمِ والمُعتقداتِ والمُمارساتِ الّتي تَنتقلُ عبرَ الأجيَال، وتشكِّلُ الهوِيَّةَ الثّقافيَّةَ للمُجتمعات. وعلاوةً على ذلِك، فإنَّ العلاقةَ بينَ العاداتِ والتّقاليدِ والتّطوُّرِ الإجتماعيِّ ليسَتْ علاقةً بسِيطة، بلْ هيَ علاقةٌ مُتشابِكةٌ ومُعقَّدة، تتضمَّنُ جوانِبَ إيجابيَّةً وسلبيَّةً على حدٍّ سواء.
منْ ناحِية، تُساهمُ العاداتُ والتّقاليدُ في الحفاظِ على الهوِيَّةِ والتّراثِ الثّقافيّ، وتعزيزِ التّماسُكِ والإنتماءِ الإجتماعيّ، بالإضافةِ إلى ذلِك، تعملُ على نقلِ القِيمِ والأخلاقِ الحميدةِ بينَ الأجيال، وتوفِّرُ إطاراً سلوكيّاً يُسهِّلُ التّعاملاتِ الاجتماعيَّة. على سبيلِ المِثال، احتفالاتُ الأعيادِ والمناسباتِ الوطنيَّةِ تُعزِّزُ الوحدةَ الوطنيَّة، وتقاليدُ الضّيافةِ والكرمِ تُقوِّي الروابطَ الإجتماعيَّة، والعاداتُ المتعلِّقةُ بالحِرَفِ التّقليديَّةِ تُحافظُ على التّراث.
في المُقابل، قدْ تُعيقُ العاداتُ والتّقاليدُ التّغييرَ والتّطوُّر، وتُكرِّسُ التّمييزَ وعدمَ المُساواة، وتُقيِّدُ الحرِّيَّاتِ الفرديِّةَ والإبداع، وتخلِقُ صراعاتٍ بينَ الأجيالِ بسببِ إختلافِ القِيَم. ومِنَ الأمثلةِ على ذلك، التّقاليدُ الّتي تَحدُّ منْ حقوقِ المرأة، والعاداتُ التي تُكرِّسُ التّمييزَ الطّبقيَّ أو العِرقيّ، والتقاليدُ الّتي تُعيقُ الإبتِكار، والعاداتُ التي تضرُّ بالبيئة.
وبالتّالي، مِنَ الضّروريِّ تحقيقُ التوازنِ بينَ الحِفاظِ على العاداتِ والتّقاليدِ الإيجابيَّة، وتبنِّي التّغييرِ والتّطوُّرِ الذي يدعَمُ تقدُّمَ المُجتمع. ويتطلَّبُ ذلكَ التّمييزَ بينَ العاداتِ الإيجابيَّةِ والسلبيَّة، وتشجيعَ الحِوارِ بينَ الأجيالِ لِتبادلِ الأفكارِ والخبرات، والإستفادةَ منَ التّكنولوجِيا والتّطوُّراتِ الحديثةِ دونَ المساسِ بالهوِيَّةِ الثّقافيَّة. وعلاوةً على ذلك، يلعبُ التّعليمُ والإعلامُ دوراً حاسماً في توعيةِ الأجيالِ الشابَّةِ إلى أهميَّةِ التّمييزِ بينَ العاداتِ الإيجابيَّةِ والسّلبيَّة، ونشرِ الوعيِ حولَ القَضايا الإجتماعيَّةِ المُتعلِّقةِ بالعاداتِ والتّقاليد، وتشجيعِ الحوارِ والنقاشِ البنَّاء.
وفي الخِتام، يجبُ أنْ نُدرِكَ أنَّ العاداتِ والتّقاليدَ يمكنُ أنْ تكونَ مصدراً للفَخرِ والإعتِزاز، ولكنْ يجبُ أنْ لا تكونَ مصدراً للتّعصُّبِ والإنغِلاق، وأنَّ المُجتمعاتِ الّتي تتبنَّى نهجاً مُتوازناً يجمعُ بينَ الأصالةِ والتّطوُّرِ هيَ المُجتمعاتُ الّتي تُحقِّقُ التّقدُّمَ والإزدِهار.