بقلم: ريان إبراهيم نجم
تدقيق: هادي محمود نصّار
على مفترقِ الطُّرق، بينَ العِلمِ والإنسان، يُطرحُ سؤالٌ جوهريّ: هلْ يُمكنُ للذّكاءِ الاصطناعيّ، الّذي يقومُ على الحِساباتِ و الخوارزميّات، أن يبلُغَ يوماً ما نُضجَ الذّكاءِ البشريّ؟ ذلكَ الذّكاءُ الّذي وُهِبَ للإنسان، و الّذي لا يُقاسُ بقدرةِ تخزينِ المعلوماتِ وحَسْب، إنّما بعمقِ الإحساسِ والعاطفة. فهلْ ستلتقي الآلةُ ذاتُ المنطقِ الصّارمِ معَ القلبِ الحيِّ الّذي ينبِضُ بالمشاعر؟ أم سيبقَى الفَرقُ شاسعا؟
يُعرَفُ الذّكاءُ العاطفيُّ بالقدرةِ على إدراكِ وفهمِ المشاعر، ممّا يجعلُ الإنسانَ مُنصِتاً دونَ أحكام، مُتعاطِفاً دونَ مصلحَة، متَّخذاً للقراراتِ بعقلانيّة. أمّا الذّكاءُ الاصطناعيّ، فيقومُ على مبدأ الخوارزميّات، وتحليلِ البيانات، هوَ ذكاءٌ وُلِدَ من حِساباتٍ دقيقة، ويتغذّى من الأمثِلة، لكنّه يَفتقِدُ للوعيِ الذّاتيِّ والتّجربةِ الحِسّيّة.
ومعَ ذلك، يَشهَدُ العالَمُ تَقارُباً بينَ هذَينِ الضِّدَّين، فإنَّ ما تُحقِّقهُ هذهِ الأنظمةُ اليومَ يُعَدُّ إنجازاً تقنيّا، حيثُ تستطيعُ تحليلَ النّصوص، والتّعرّفَ على بعضِ المشاعرِ كالغَضَب، الحُزنِ والفَرح، بل وأيضاً تتفاعَلُ معها. لكن، هل يَدُلُّ ذلكَ أنّ الآلةَ تَشعُرُ كما الإنسان؟
إنَّ ما تقومُ بهِ الآلةُ ليسَ سوى مُحاكاةٍ للسّلوكِ العاطفيّ، لا امتلاكاً للعاطفة، فهيَ تَرُدُّ بناءً على احتمالاتٍ وتدريباتٍ مُسبقة، لا عن تجربةٍ أو وعيٍ حقيقيّ.
ففي زمنٍ تتسارَعُ فيهِ التّكنولوجيا، وتُبنى فيهِ عوالمٌ رقميّة، يَبقى القلبُ البشريُّ هوَ البوصلةُ الحقيقيّة.
ثَمَّةَ مسافةٌ، لا تُقاسُ بالميغابايت، تَفصِلُ بينَ الشّعورِ المُحاكَى والشّعورِ الحقيقيّ.
والأمرُ المُثيرُ للقلقِ هو: هل ستُستَخدَمُ الآلةُ للتّأثيرِ على الرّأيِ العامِّ والتّلاعُبِ بالمُستهلكين؟