بقلم منار حسن الهق
تدقيق: منى غالب جمعة
حَمَلَتْ لَنا الأَيَّامُ الخَوالِي أَمانًا وطُمَأْنِينَةً قَدْ غابَتْ في يَوْمِنا هَذا، حَيْثُ اسْتَفاقَ البَشَرُ عَلَى صَوْتِ قَرْعِ القَنابِلِ بِجُرْمِ الدِّفاعِ عَنِ الإِنْسانِيَّةِ، بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الحُرُّ الأَبِيُّ صَرْخَةَ الإِمْدادِ لِأَخِيهِ الَّذِي اسْتَلَّ عَلَيْهِ خِنْجَرَ الخِيانَةِ، وَتَكَاثَرَتْ عَلَيْهِ الأَيْدِي القَذِرَةُ لِتُخْفِيَ حَقِيقَةَ القَضِيَّةِ الخالِدَةِ.
وَاسْتَشْرَسَ الحَيَوانُ البَرِّيُّ عَلَى أَطْفَالٍ غَفَتْ عُيُونُهُمْ خَلْفَ جِدارِ بُيُوتٍ آمِنَةٍ قَدْ أُبِيدَتْ بِجُرْمِ إِقْرارِها بِالحَقِّ. وَبَعْدَ أَنْ سَرَقَ المُدافِعُ الشَّرِيفُ عُنْصُرَ المُفاجَأَةِ لِلدِّفاعِ عَنْ أَخِيهِ وَالدِّفاعِ عَنْ نَفْسِهِ، أَخَذَ المُجْرِمُ يَتَمَلْمَلُ وَأَصْبَحَ كَوَحِيدِ قَرْنٍ هائِجٍ فَرَّ مِنْ حَظِيرَتِهِ مِنْ فَرْطِ ما رَأَى مِنْ صُمُودٍ وَخِذْلانِ خُطَطِهِ الوَاهِيَةِ في إِخْفاءِ جُرْمِهِ وَجَرِيرَتِهِ.
وَبَيْنَ لَيْلَةٍ وَضُحاها، قَدْ غابَ الاسْتِقْرارُ، وَبَعْدَما كانَتِ السَّماءُ أُفُقًا يَأْوِي أَحْداقَنا، أَمْسَتْ تَأْوِي أَصْواتًا إِذا سَمِعْتَها فَتَأَهَّبْ لِفَقْدِ أَحَدِهِمْ أَوْ لانْفِجارٍ يَهُزُّ أَرْكانَ مَنْزِلِكَ. وَبَعْدَما كانَتِ الطَّبِيعَةُ نَلْجَأُ إِلَيْها لِنُمَتِّعَ أَبْصارَنا، أَمْسَتْ رُكامًا قَدْ تَلَحَّفَ بِالدِّماءِ وَعَكَّرَهُ دُخانُ الانْفِجاراتِ.
وَفي تِلْكَ اللَّحَظاتِ المُبْهَمَةِ، قَدْ آوَتْ أَبْصارُنا صُوَرَ الأَحِبَّةِ، عَسَى أَنْ تَبْقَى عَلَى قَيْدِ الذِّكْرى قَبْلَ أَنْ تَنالَ مِنْها شَظايا الغَدْرِ. وَبَعْدَ التَّوَتُّرِ الَّذِي احْتَلَّ أَيَّامَنا وَأَتْعَبَ نُفُوسَنا، لَازِلْنا أَحْيَاءً نَمْضِي أَيَّامَنا وَنُواصِلُ الحَياةَ بِما تَبَقَّى فِيهَا، وَنَحْنُ نُدْرِكُ كَيْفَ انْقَلَبَتِ الحَياةُ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَضُحاها.