إنّ قُدرةَ الإنسانِ على خلقِ الأعذارِ واسعَةٌ ورهيبَةٌ، يُضفي عُذراً على تكاسُلِهِ، تقصيرِهِ، خِلافانِهِ لوعدِهِ معتبراً أنّ الأعذارَ هي عبارةٌ عن سُترةٍ تُنجيه من اللّومِ و العتابِ، رغبةً منهُ في التمتُّعِ بالرّاحةِ و الأمانِ. إنّ ثقافةَ العُذرِ هذه هي السَّببُ في انتشارِ الأمراضِ الإجتماعيَّةِ و منها الكذبُ و الأسوء من ذلكَ تبريرُ الفشلِ ووضع عذرٍ لهُ. من هنا عزيزي القارئ البُشرةُ الوحيدةُ لكَ إنّ طموحكَ سيُستنزفُ.
” قل هو من عند أنفسكم” في هذه الآيةُ المباركةُ توضيحٌ و تبريرٌ مفهومٌ أنّ مسبِّباتِ فشلِ الانسانِ هي من تلقاءِ نفسهِ و ليسَت من الآخرين. لأنَّهُ إن كنتَ تريدُ شيئاً ستجدُ له ألفَ طريقةٍ لفعلِهِ ولو استحالَتِ الوسائلُ أمامَكَ، ولكن رغبتُكَ أنتَ لفعلِ هذا الشيء كافيةٌ بأن تجدَ لكَ ابرةً في كومةٍ من القشِّ تجعلُكَ تُحقِّقُ ما تريد. فقط توقَّفْ عن خلقِ الأعذارِ.
إنّ العذرَ هو حالَةٌ نفسيَّةٌ تخلُقُ لديك ما يُسمّى بال ” self handicapping” أي إعاقةُ الذّاتِ التي تسحَبُ منكَ الدّافعَ إلى المبادرةِ و العملِ فتغفلُ أنتَ بدورِكَ عن تنميةِ قدراتِكَ و صقلِها فاذا انتصرَ الشَّخصُ على رغبتِهِ بتقديمِ اعذارِهِ، ستزدادُ قوَّتُهُ الداخليَّةُ و سيُبرمِجُ عقلُهُ الباطنُ كلماتِ الاستمراريَّةِ بالتخلُّصِ من روحِهِ البليدةِ و استبدالِها بروحِ العزيمةِ و الإصرارِ.