تمكين المرأة، مقال بقلم✍️ جويل أبو علي

تمكين المرأة، مقال بقلم✍️ جويل أبو علي

لِماذا نتحدَّثُ عن تمكينِ المرأةِ فقط وليسَ تمكينِ الرّجلِ؟ لماذا تحتاجُ المرأةُ إلى التّمكينِ وليسَ الرّجلْ؟ تشكِّلُ النّساءُ ما يقاربُ 50 ٪ من إجمالي سكّانِ العالمِ. فلماذا يحتاجُ هذا القسمُ الكبيرُ من المجتمعِ إلى التّمكينِ؟ هم ليسوا أقليَّةً بحيثُ تتطلَّبُ معاملةً خاصَّةً. ثمَّ السّؤالُ الذي يطرحُ نفسهُ لماذا نُناقِشُ موضوعَ “تمكينِ المرأةِ”.

لماذا نحتاجُ إلى تمكينِ المرأةِ؟

نشأتْ الحاجةُ إلى التّمكينِ بسببِ قرونٍ من الهيمنةِ والتَّمييزِ الذي مارسهُ الرِّجالُ على النِّساءِ ؛ فالمرأةُ هي القَدرُ المكبوتُ. إنَّهم هدفٌ لأنواعٍ مختلفةٍ من العنفِ والممارساتِ التَّمييزيَّةِ التي يمارسُها الرِّجالُ في جميعِ أنحاءِ العالمِ.

أسبابُ مثلِ هذا السُّلوكِ ضدَّ المرأةِ كثيرَةٌ ولكنَّ أهَمَّها هو عُقدَةُ التَّفوُّقِ الذُّكوريِّ في المجتمعِ.
لكي نحقِّقَ للمرأةِ تمكُّنَها من حقوقِها ومسيرتِها في الحياةِ بشكلٍ يليقُ بها ويحفظُ لها إنسانيَّتها ووجودَها، علينا أوَّلًا تحدّي نظرةَ المرأةِ لنفسِها، وذلك لأنّ المرأةَ عندما تقتنِعُ أنّها إنسانٌ كاملٌ لهُ وجودُه ولهُ الأهليَّةُ الكاملةُ في المجتمعِ، ويجبُ أن تتمتّعَ بكاملِ حقوقِها، نكونُ بذلك قد تجاوزْنا المعضلةَ الأساسيَّةَ، وذلك لأنّ المرأةَ عندما تقتنعُ بهذا ستُجابِهُ كلّ من يقفُ في طريقها أو يحاولُ اغتصابَ إنسانيَّتِها ووجودِها، ولن تحتاجَ لكلِّ تلك الألسنَةِ المدافعَةِ عنها، لأنّها ستكونُ هي المحاميُّ والقاضي في آنٍ واحدٍ في وجهِ الجميعِ، وعندما تقتنعُ بنفسِها ستقتنعُ بدورها وتعملُ على البحثِ عن دورها بنفسِها من أجلِ كسبِ المزيدِ من الاحترامِ والإعترافِ بها. عند ذلك يأتي دورُ المؤسَّساتِ والجمعيّاتِ التي عليها أن تدافعَ عن حقوقِ وحريَّةِ المرأةِ ولكن ضمنَ الإطارِ الشّرعيِّ الذي أباحَهُ لها الشّرعُ، وعلى الأسرةِ بحدِّ ذاتِها أن تكونَ هي الصّوتُ الأوَّلُ الذي يعلو في سبيلِ تمكينِ المرأةِ من أخذِ حقوقِها والوقوفِ بوجهِ كلِّ معتدٍ على إنسانيَّتِها مغتصبٍ لحقوقِها.

تعملُ العديدُ من مجموعاتِ المساعدةِ الذاتيَّةِ والمنظَّماتِ غيرِ الحكوميَّةِ في هذا الاتّجاهِ ؛ كما أنّ النِّساءِ أنفُسهُنَّ يكسرنَ الحواجزَ المجتمعيّةَ ويحقِقْنَ ارتفاعاتٍ كبيرةٍ في جميعِ الأبعادِ السياسيَّةِ والاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ. لكن المجتمعَ ككلٍّ لم يقبلْ بعدُ أن تكونَ المرأةُ متساويةً مع الرَّجلِ، ولا تزالُ الجرائمُ و الانتهاكاتُ ضدَّ المرأةِ في ازديادٍ.

لذلك ، فإنّ مفهومَ تمكينِ المرأةِ لا يرْكُزُ فقط على منحِ المرأةِ القوَّةَ والمهاراتِ لتتخطّى وضعَها البائسَ ، ولكن في الوقتِ نفسِهِ يؤكِّدُ أيضًا على ضرورةِ توعيَةِ الرِّجالِ بقضايا المرأةِ وغرسِ الإحساسِ بالاحترامِ والواجبِ تُجاهَها .