لا تَكادُ أَفْوَاهُ الأَشْخاصِ اللَّطيفينَ أَنْ تُخْرِجَ كَلِمَةَ لا، وَذَلِك لأَنَّ هَذِه الكَلِمَةَ غَيْرُ مَوْجُوْدَةٍ فِي قَامُوسِهِم نَظَرًا لِحِرْصِهِم الدَّائِم عَلَى مُرِاعَاةِ شُعُوْرِ الآخَرِينِ فِي وِقْتٍ لَمْ يُدارُوا حَتَّى شُعُوْرَهُم وَالَّذِي هُوَ الأَهَم.
أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ الأَوْلَوِيَةَ لَيْسَت بِنَرْجِسِيةٍ وَلَا بِأَنَانِيَةٍ وَأَنْ نَرْفُضَ بِلُطْفٍ طَلَبَ الآخَرِ هُوَ لَيْسَ بِشَيءٍ مُعِيبٍ بَلْ نَحْنُ أَوْلَى بِأَن نُوَازِن بَيْنَ حَاجَاتِنا وَحَاجَاتِ الآخَرِين .
فِي الحَدِيثِ عَنْ نَفْسِي لَقَدْ كُنْتُ مِنَ الأَشخَاصِ الَّتِي لَا تَرْفُضُ طَلَبًا لِأَحَدٍ ( دَعْوَةً لِلْخُرُوْجِ، تَنْفِيِذِ مَهَامٍ، مُسَاعَدَةِ زُمَلَائِي…) وَالعَدِيدِ العَدِيدِ.
وَكُلُّ هَذَا أَتَقَبّلُهُ وَأَنَا فِي غَايَةِ الإِرْهَاقِ مِنْ عَمَلِي وَكُنْتُ أَشْعُرُ بِالإِحْبَاطِ وَالغَضَبِ حِيْنَ لَا أَسْتَطِيْعُ أن أقُوْلَ “لا” لِأَنَّ كُلَّ تَفْكِيرِي كَيْفَ سَيَرانِي الشَّخْصُ أَنَانِيَةً عِنْدَما أَرْفُضُ طَلَبَهُ، وَلَكِنَ بَعْدَ وَقْتٍ أَدْرَكْتُ أَنَّ النَّاسَ نَفْسَهُم الَّذِينَ يَطْلُبُون الطَّلَبَ مِنْكَ يَتَعَجَبُوا مِنْكَ عِنْدَمَا لَا تَرْفُضُ طَلَبَهُم وَيَرَوْنَ فِي ذَلَكَ بِأَنَّكَ لَا تَضَعُ حُدُودًا لِنَفْسِكَ وَتَسْعَى بِوَقْتِكَ بِأَنّ تُرْضِيهِم عَلَى حِسَابِكَ الشَّخْصِي وَسَتُعَرِضُ نَفْسَكَ بِأَنْ تَكُوْنَ شَخْصًا بِلَا خُصُوْصِيَة.
سَأُعِيْدُ وَأُكَرِرُ نَصِيحَتِي ” لَا تُبَالغْ فِي سَعْيِكَ لِلْإِرْضَاءِ لِأَنَّكَ سَتَستنْفِذُ طَاقَتُكَ، وَهَذِه الطَّاقَةُ مُتَعَلِّقَةٌ فِي مَدَى تَقْدِيرِك لِذَاتِكَ فَالطَرِيقَةُ الأَنْسَبُ لِتَفادي كُلِّ هَذا هِي قَوْلُ كَلِمَةِ “لا” فِي وَقْتِها المُنَاسِبِ.
