تَكامُلُ الأدوَار:            الرَّجُلُ والمَرأَة، شَريكَانِ لا نِدّان.

تَكامُلُ الأدوَار: الرَّجُلُ والمَرأَة، شَريكَانِ لا نِدّان.

بقلم: ريم محمد عيد رمضان
تدقيق: هادي محمود نصّار

الرَّجلُ والمرأةُ هُما أساسُ الحَياةِ وأعمِدتُها، وعلاقتُهما ليسَت تنافُسيّة، بل تَكامُليّةٌ جَوهريّة. كلُّ طرفٍ يمتلكُ قُدراتٍ وخَصائصَ فَريدةً تُعوّضُ نواقصَ الآخَر، مِمّا يخلقُ كياناً مُجتَمعيّاً ونَفسيّاً مُتوازناً وأكثرَ مُرونَة. إنّ الاعتِرافَ بقيمةِ هذهِ الاختِلافاتِ وتوظيفِها هُو مفتاحُ الازدِهارِ البشَريّ. لكن، في ظلِّ التَّطوّراتِ السَّريعةِ في مفهومِ المُساواة، كيفَ يمكِنُ للمُجتمعاتِ الحَديثةِ أن تُحافظَ على هذا المَفهومِ التَّكامُليِّ دونَ أن يُنظرَ إليهِ كأداةٍ لتكريسِ الأدوارِ التّقليديّةِ أو إعاقةِ طُموحِ أحدِ الطَّرفين؟

إنّ الفروقَ بينَ الرّجلِ والمَرأة، سواءٌ كانَت بيولوجيَّة، نفسيّةً أو عاطفيَّة، هِي في الحَقيقةِ مَصادرٌ للثّراءِ والقوّةِ وليسَت نقاطَ ضَعف. فمثلاً، قد تُسهمُ الفِطرةُ التي تَميلُ إلى الاحتِواءِ العاطِفيِّ والرِّعايةِ لدى المَرأةِ في بناءِ بيئةٍ أسريّةٍ داعِمةٍ ومُستقِرّة، بينَما قَد تُسهمُ سماتٌ مثلَ القُدرةِ على اتخاذِ القَراراتِ المَنطقيّةِ السّريعةِ والتّركيزِ على الحُلولِ العَمليّةِ لدى الرّجلِ في تَوفيرِ الحِمايةِ الماديّةِ والتَّوجيهِ العَمليّ. هذهِ الأدوارُ لا تَعني الحَصر، بل تُشيرُ إلى نقاطِ تفوّقٍ طبيعيّةٍ يُمكنُ الاستِفادةُ منها. عِندما يعملانِ معاً في فريقٍ واحِد، سواءٌ في البيتِ أو فِي العَمل، فإنَّ تنوّعَ طرقِ تفكيرِهما وأساليبِهما في معالجةِ المُشكلاتِ يؤدّي إلى حلولٍ أكثرَ عمقاً وشُموليَّة، مِمَّا يرفعُ من جودةِ الحَياةِ العامَّةِ ويُعزّزُ التّنميةَ المُستَدامَة.

إنّ التكاملَ بينَ الجنسينِ يتجاوزُ توزيعَ المهامِّ ليصلَ إلى تحقيقِ التوازنِ النفسيّ والعاطفيّ داخلَ العَلاقة. فالإنسانُ كائنٌ ناقصٌ بطبعِه، يحتاجُ إلى شريكٍ يُعوّضُهُ ويُكمِّله. المرأةُ قد تجدُ في الشَّريكِ الرَّجلِ سنداً وعمقاً عمليّاً يُعينُها على مُواجهةِ الضُّغوط، بينَما يجدُ الرَّجلُ في الشريكةِ المرأةِ دفئاً عاطفيّاً ورؤيةً إنسانيّةً تُليّنُ قسوةَ الحياةِ وواقعيتَها. هذا التَّبادلُ ليسَ تبادُلاً وظيفيّاً بقدرِ ما هُو احتواءٌ مُتبادلٌ يُحقّقُ السَّكينةَ والمودّةَ المَذكورةَ في النُّصوصِ الدّينيّةِ والفَلسفيَّة. هذا التَّوازنُ ينعكِسُ إيجاباً على الأبناءِ والمُحيطينَ بهِما، خالقاً مُجتمعاً أكثرَ صحّةً نفسيّةً وأقلَّ عُرضةً للاضطّراباتِ النَّاتجةِ عن الشُّعورِ بالوِحدةِ أو النَّقصِ العاطفيّ.

إنّ الهدفَ ليسَ محوَ الفُروقات، بل هُو الاعتِرافُ بقيمةِ مُساهمةِ كلِّ طرفٍ بناءً على قُدراتِه، لخلقِ شراكةٍ مُتكافِئة. يجبُ أن تُـمكِّنَ المُجتمعاتُ كِلا الجِنسينِ من تَحقيقِ طُموحاتِهما الكَاملة، مَع الاحتِفاءِ بالاختلافِ الّذي يُثري الرّؤى وطُرقَ العَمل. إنّ مستقبلَ الإنسانيّةِ يعتمدُ على استِغلالِ الطّاقاتِ الكامِلةِ للرَّجلِ والمَرأةِ وتوجيهِها نحوَ هدفٍ مُشتركٍ وهُو الازدِهارُ والنُّموّ. إذاً، ما هِي الخُطواتُ العمليّةُ الّتي يُمكنُ اتخاذُها لترسيخِ ثقافةِ الشَّراكةِ والتَّكاملِ بينَ الجِنسينِ في بيئاتِ العَملِ والتَّعليمِ بدلاً مِن