مقال بقلم ريان ابراهيم نجم
تدقيق هادي محمود نصار
في عالمٍ باتَ فيهِ كلُّ شيءٍ قابلاً للمشاركة، نشأَ جيلٌ جديدٌ لم يعرفِ الحياةَ إلّا من خلالِ شاشاتِه، جيلٌ يراقبُ العالمَ مِن خلفِ عدساتِ الهواتِف ، يبني صداقاتِهِ من خلالِ التّفاعلات، ويشكّلُ وعيهُ من “الترندات” اليوميّة.
من جهة ، يمكنُنا القولُ أنَّ هذا الجيلَ أكثرُ وعياً من أيِّ وقتٍ مضى، يتابعُ الأخبارَ لحظةً بلحظة، و يشاركُ في قضايا تتجاوزُ الحدودَ الجغرافيّة، يطرحُ و يناقِشُ المسائلَ الكُبرى، و يعبّرُ عن رأيه، لَم يعُد معزولاً عن الأحداث، لا بلْ أصبحَ شريكاً في صناعتِها .
لكن ، ماذا فعلت هذهِ “الحريّةُ ” بنا ؟
في زحمةِ المقارناتِ اليوميّة ، تضيعُ الهويّةُ في خضمِّ السعيِ وراءَ “اللايك” و ” المتابعة” ، تتحوّلُ الإنجازاتُ إلى مُحتوى ، وتصبحُ الحياةُ لحظةً قابلةً للمُشاركة أكثرَ مِن كونِها تجربةً تُعاش، باتَ الحضورُ الرقميُّ أهمَّ منَ الحضورِ الحقيقيّ ، و الحقيقةُ تُقاسُ بعددِ المشاركاتِ لا بجودةِ المصادر.
علاوةً على ذلك ، فإنَّ التواصلَ الرقميَّ فتحَ البابَ أمامَ العديدِ من المخاطرِ و التحدياتِ الأخلاقيّة،كانتشارِ ظواهرِ التنمُّرِ الإلكترونيِّ و التّحرشِ و الخداع ، و هذا ما أصبحَ يشكّلُ تهديداً حقيقيّاً لسلامةِ المُستخدمين ، الأمرُ الّذي يستدعي وضعَ إطارٍ تنظيميٍّ و قانونيٍّ لحمايةِ الأفراد.
جيلُنا ليسَ ضائعاً ، بل مشتت، وهو بحاجةٍ لإعادةِ تعريفِ علاقتهِ مع هذهِ العوالمِ الافتراضيّةِ قبلَ أن تتحوّلَ من أدواتٍ إلى قيود.