حبُّ الذَّاتِ ومواجهةُ الخَوف: رحلةٌ نحوَ التَّوازنِ النَّفسيّ

حبُّ الذَّاتِ ومواجهةُ الخَوف: رحلةٌ نحوَ التَّوازنِ النَّفسيّ

  • بقلم: ريان إبراهيم نجم
  • تدقيق: هادي محمود نصّار

في زمنٍ تتسارَعُ فيهِ وتيرةُ الحَياة، وتَزدادُ فيهِ الضُّغوطاتُ النَّفسيَّةُ والإجتِماعيَّة، أَصبحَ الحِفاظُ على التَّوازنِ النَّفسيِّ تَحدِّياً حَقيقيّا. لَم يَعدِ الحَديثُ عنِ الصِّحَّةِ النَّفسيَّةِ تَرفاً فِكريّاً أو اهتِماماً ثانَويّا، بَل غَدا ضَرورةً وُجوديَّةً تَمسُّ كُلَّ إِنسَان.
ولِتحقيقِ الإستِقرارِ الدَّاخليّ، لا بُدَّ مِن حُبِّ الذَّاتِ كمدخلٍ للسَّلامِ النَّفسيّ، ومُواجهةِ الخَوفِ كوسيـلةٍ للتَّحرُّرِ مِنَ القُيودِ الذِّهنيَّةِ الَّتي تعيقُ النُّموَّ والتَّطوُّر.
فَهَل يمكنُ للإنسانِ أَن يحقِّقَ تَوازناً نفسيّاً في غِيابِ أَحدِ هذينِ العنصرَينِ؟

حُبُّ الذَّاتِ لا يَعني التَّمركزَ حَولَ الأَنا أو تَجاهُلَ الآخَرين، بَل هو تَعبيرٌ ناضِجٌ عَميقٌ ناتِجٌ عن تَقديرِ الإنسانِ لِذاته، هو اعتِرافٌ صادِقٌ بحَقِّ الإنسانِ في الرَّاحة، فحُبُّ الذَّاتِ يولِّدُ الإحساسَ بالاستحقاق، مِمَّا يمكِّنُ الإِنسانَ مِن اتِّخاذِ قَراراتٍ ناتِجةٍ عن احترامِهِ لذاتهِ، لا مِن خوفِهِ مِنَ الرَّفضِ أو الرِّضى الإجتِماعيّ.
أمَّا الخَوف، وعَلى الرُّغمِ مِن أنَّهُ شُعورٌ فِطريّ، كثيراً ما يتحوَّلُ إِلى عائقٍ خَفيّ، يمنَعُ الإنسانَ مِن اتِّخاذِ قَراراتٍ حاسمةٍ نَحوَ التَّغيير. وهَذا لا يَعني أنَّ هذِهِ المَخاوفَ ناتِجةٌ عن مخاطِرَ واقِعيَّة، لا بَل مِن تصوُّراتٍ ذهنيَّةٍ أو تجارِبَ سابقةٍ ترسَّخَت في اللاَّوعي.

مواجهةُ الخوفِ تبدأُ بالإعترافِ بِه، فتجاهلهُ أو إنكارُهُ لا يُلغي وجودَهُ بَل يزيدُ مِن عمقِ تأثيرِه. و عبرَ اتِّباعِ آليَّاتٍ كالتَّفكيرِ العَقلانيّ، والتَّحدُّثِ مع النَّفسِ بإيجابيَّة، وطلبِ الدَّعمِ النَّفسيِّ عندَ الحاجَة، يقلِّصُ الإنسانُ مِن سُلطةِ الخوفِ على قراراتِهِ وسلوكيَّاتهِ.

إِنَّ حبَّ الذَّاتِ و مواجهةَ الخوفِ يُشكِّلانِ ركيزتيْنِ أساسيَّتينِ لتحقيقِ التَّوازنِ النَّفسيّ، في ظلِّ التَّغيُّراتِ المُتسارعةِ في عالَمنا المُضطرِب. فمنْ خلالهِما يصبحُ الإِنسانُ قادِراً على اتِّخاذِ قَراراتهِ بِوَعي. فهَل آنَ الأوانُ لننتقِلَ بهذهِ المفاهيمِ منْ دائرةِ الوعيِ الفرديِّ إِلى ثقافةٍ جماعيَّةٍ تُمارَسُ في التَّربيةِ والتَّعليم، وتُحتَضَنُ في مؤسَّساتِنا؟