حينَ يُصبحُ الواقعُ قيْدا، يكونُ الرّفضُ خلاصا.

حينَ يُصبحُ الواقعُ قيْدا، يكونُ الرّفضُ خلاصا.

بقلم: ريم محمد عيد رمضان
تدقيق: هادي محمود نصّار

لماذا يرفُضُ بعضُ النّاسِ الواقعَ الّذي يعيشونَ فيه؟ هلْ هذا الرّفضُ تعبيرٌ عن ضعفٍ وهروبٍ من مواجهةِ الحقائِق، أم هو بدايةٌ لثورةٍ على ما هو مقبولٌ و سائِد؟ يبدو رَفضُ الواقعِ إشكاليّةً مُعقّدةً تتداخلُ فيها عواملُ نفسيّةٌ واجتماعيّةٌ وفلسفيّة، حيثُ يُصبحُ الهروبُ إلى الخيالِ أو التمرُّدِ على الأوضاعِ القائمةِ ملاذاً للبَعض، بينما يرى فيهِ آخرونَ تهديداً للإستقرار. فهلْ يمكنُ أنْ يكونَ هذا الرّفضُ طريقاً للتّغيير؟ أم أنّهُ مجرّدُ وَهْمٍ يُعيقُ التّكيُّفَ مع الحَياة؟

يعيشُ الكثيرُ منَ النّاسِ في صراعٍ مع واقعِهم، سواءً بسببِ الظّروفِ الإقتصاديّةِ القاسِية، أو القيودِ الإجتماعيّة، أو حتّى الأحلامِ المُجهَضة. هذا الصّراعُ يُولِّدُ شعوراً بالإغتراب، حيثُ يُصبحُ الواقعُ سِجناً لا يُطاق. البعضُ يَلجأُ إلى إنكارِ الحقائقِ أو تشويهِها كآليّةِ دِفاعٍ نفسيّة، بينَما يَغرقُ آخرونَ في أحلامِ اليقظة، يتخيّلونَ عالماً بديلاً يُمنحُهم الشعورَ بالتّحرُّر.

على الجانبِ الآخر، قد يكونُ رَفْضُ الواقعِ خُطوةً جريئةً نحو التّغيير. فالكثيرُ منَ الثّوراتِ الفِكريّة، بدأتْ برَفْضٍ جذريٍّ للوضعِ القائم. الفلاسفةُ والمفكِّرونَ والمبدِعونَ عبرَ التّاريخِ تَحدّوا “الواقعَ” وطرحوا بدائلَ غيّرتْ مَسارَ البشريّة. هُنا، يتحوَّلُ الرّفضُ من هروب، إلى مُواجهةٍ تَستحقُّ التّقدير.

في النّهاية، يظلُّ رَفْضُ الواقعِ ظاهرةً إنسانيّةً غامضة، تتراوحُ بينَ اليأسِ والأمَل، بينَ الاستسلامِ والتّمرُّد. لكنْ رُبّما يَكمُنُ التَّحدّي الأكبرُ في تحويلِ هذا الرّفضِ إلى طاقةٍ إبداعيّةٍ تَفتحُ أبواباً جديد. فإذا كانَ الواقعُ لا يُرضي توقُّعاتِنا، فهلْ يُمكنُنا صِياغةُ واقعٍ آخر، أم أنّنا مَحكومونَ بالعيشِ في ما هو مَوجود؟