زياد قصّةُ ثورةٍ عزفَها أسطُورة ..

زياد قصّةُ ثورةٍ عزفَها أسطُورة ..

كتابة وتدقيق : فاطمة محمّد صالح الموسويّ

وَرحلَ زِياد .. ذلكَ الحالمُ الذي عرَفهُ لبنانُ أكثرَ مِن كلِّ أبنائِه .. ذاكَ الّذِي كتبَ لبنانَ ولحنَ لا طرباً فحَسب، بل نهجاً وثورةً وجُنونا .. ذاكَ الّذي حاكَى بِدخانِ سجائرِهِ ضمائرَ شعبٍ شغلتْهُ صراعاتُهُ الطّائفيةُ والدّينيةُ والسّياسيةُ عَن مجدِ أرزِه .. رحلَ زيادٌ تاركاً خلفَهُ أرضاً غُصِبَتْ لطالَما أحبَّها وغنَّى لَها ، وشعباً رغمَ الحبِّ ما عَرفَ إلّا سُبلَ الضّياع ، وأحلاماً مُبعثرةً غابَ عنهَا مُيسّرُها ..

لمْ يكُن زيادٌ كخلّانِهِ ولَم يسلُكْ طَريقَ المجدِ اليسِير ، بَل كانَ يَهوى العبورَ في الدّروبِ الوعِرة .. يُحاكي الواقعَ بِرسمةِ خيالٍ ويُواجِهُ الظّالمَ فِي صميمِ وطن ..

مَا كانَ يوماً استمراراً لتاريخِ الرّحابنةِ وفَيروز .. فهُم أهلُ التاريخِ وصنّاعُ مجدِ لبنانَ الفنّيّ .. لكنّهُ كانَ مِن عالمٍ آخر ، كطائرٍ يغرِّدُ خارجَ السَّرب .. يصنعُ مَجداً جَديداً بِنكهةٍ مَجنونةٍ خاصّة ، يكتبُ اسمَهُ عَلى صفحاتِ لبنانَ ويحفرُ كلماتِه وألحانَهُ فَي ذَاكرةِ كلِّ مُواطن ، فيدخُلُ أفئدةَ شعبٍ ملَّ التِّكرار ، وعُقولَ مُفكرينَ شَغلهُم جَلُّ المُتهوّرِ الرّحبانيّ ..

هُو الرّحبانيُّ المُقاوم .. هو الملحّنُ المُتفرّد ، الشّاعرُ الخَصب ، الكاتبُ الثّائِر ، والمُمثلُ المُبدع .. هُو الّذي جعلَ للمَسرحِ كلمةً وأدخَلَ إلِى الفنِّ رُوحاً جَديدةً مُتّخذاً مِن البَسمةِ هدفاً لإيصالِ الرّسالة .. فَجعلَ مِن السّياسةِ أدبا، وحاربَ طائفيةَ بلدِ الطّوائفِ بسلاسةٍ وحّدَت الجَميع ..

في وسطِ كلِّ أغنِيةٍ رسالةٌ واضِحة ، وفِي كلِّ مسرحيةٍ صورةٌ لا تَعرفُ الإختِزال .. فكانَ هُو ذاكَ العظيمُ الّذي ربِحَهُ لبنانُ أيقونةً جَديدةً فِي تاريخِ أمجادِهِ وخسرَهُ شعبٌ مَا عرِفَ يوماً كيفَ يَنهلُ مِن عظيمِه ..

“وبالنّسبة لبُكرا شو؟ ضَحَّكت علَينا البلد يا زِياد .. بَلا ولا شِي وحتضَل الحالة تَعبانة وحنعِيش وَحدنا بلاك .. وبالنّهاية: شو يعني نِحنا!! ليش؟ بعد في شِي نِحكي عنّو؟”