بقلم: علي رضوان سعيد
تدقيق: هادي محمود نصّار
“ننجو اليوم، ونفكِّرُ بالغدِ لاحقاً”
بهذهِ الكلماتِ صارَ يعبِّرُ معظمُ الشّبابِ في لُبنانَ عن مشاعرِهمِ المُختلِطةِ ما بينَ القلقِ واللّامبالاة. قلقٍ من المستقبلِ المَجهول، ولَامبالاةٍ بالحاضرِ المَعلوم. ولكنْ يبقى السُّؤال: هل فقدَ الشّبابُ الأملَ لأنّهم ضُعفاء؟ أَم لأنَّ الواقعَ لا يمنحُهمُ الفُرصةَ للحُلم؟
ليان، شابّةٌ طَموحة، خرّيجةُ كليّةِ الهندسة، تقول: “لقدْ درستُ أربعَ سنواتٍ باجتهاد، وبعدَ سنتينِ من إرسالِ السِّيرِ الذّاتية، لم أجدْ وظيفةً لائقَة، لقد بدأتُ أشكُّ بأنَّ المُشكلةَ بي”.
حاليّا، تقضِي ليان وقتَها بينَ “فريلانسر” غيرِ مُستقرّ، ومحاولاتٍ حثيثةٍ للهجة. لَيان ليستْ وَحدَها، بل شريحةٌ كبيرةٌ من الشّبابِ يشعرونَ أنّ المستقبلَ سيكونُ أسوأ، ويفكِّرونَ بالهِجرة، رُبّما الهِجرةَ الدّائمَة.
من المنظورِ النّفسيِّ والاجتماعيّ، تعودُ ظاهرةُ فُقدانِ الأملِ عندَ الشّبابِ للعديدِ من الأسبابِ المتراكمة. أوّلُها الواقعُ الاقتصاديُّ المتردّي، المُتمثِّلُ بارتفاعِ نِسَبِ البطالةِ وانخفاضِ مُعدّلاتِ الأجور. إضافةً إلى اللّاعدالةِ الاجتماعيّةِ التي تَخلُقُ شعوراً بأنّ “الواسطةَ” و”الحظّ”، وليسَ الكفاءةَ، هيَ من تَصنعُ النّجاح. هذا عَدا عنِ السّياساتِ اللّامباليةِ بالشّبابِ الّتي تَنتَهجُها الدّولةُ منذُ عشراتِ السّنوات.
في ظلِّ الواقعِ القاتمِ الذي تمرُّ بهِ البلاد، ليستِ الحُلولُ سهلَة، إنّما ليستْ مستحيلَة. الأملُ ليسَ شِعاراً ولا رَفاهيّة، بل هو حاجةٌ وضرورةٌ لبقاءِ المُجتمعِ بأسرِه. ولتعزيزِه، لا بدَّ من خِطابٍ رسميٍّ يَعتَرِفُ بالمُشكلةِ بدلَ إنكارِها، وانتهاجِ سياساتٍ لِخلقِ الفُرصِ العادلةِ، لا مجرّدَ حملاتٍ كلاميّةٍ الفارغة. إضافةً إلى دعمِ الصّحةِ النّفسيّةِ للشّبابِ عبرَ خَلقِ المساحاتِ لهُم للتّعبير، وتمكينِهم من المُشاركةِ الفاعلةِ في الحياةِ العامّة.
في الختام، لسنَا بحاجةٍ لتزييفِ الواقِع، ولا لِجلدِ الذّات. الأكيدُ أنّ جيلَ اليومِ ليسَ كَسولاً كمَا يُقال، بلْ واعٍ لكنَّهُ مُتعب. وما يَحتاجُهُ هو الاحترامُ وخلقُ الفُرصِ فقَط. لا شَكَّ بأنَّ الأملَ مُقاومةٌ أيضا، وكلُّ شابٍّ يَصحوْ في اليومِ التّالي ويُحاوِلُ من جديد، هو بحدِّ ذاتِه، يَصنعُ الأمَل