بقلم الزّميلة منى غالب جمعة
لم يعُدِ التّعليمُ متعةً تُثري العقولَ وتُحفّزُ الإبداعَ كما كان في الماضي، بل تحوّلَ إلى عبءٍ ثقيلٍ يُرهقُ الطلابَ نفسيًّا وجسديًّا. فالنّظامُ التعّليميُّ الحاليُّ يفرضُ على التّلميذِ قضاءَ ستِّ ساعاتٍ أو سبعٍ يوميًا في المدرسةِ، ثمَّ يعودُ إلى البيتِ ليجدَ نفسهُ غارقًا في كمٍّ هائلٍ من الدروسِ والواجباتِ.
هذا الضّغطُ المستمرُّ لا يُتيحُ للطالبِ أيَّ فرصةٍ للراحةِ أو لممارسةِ أنشطةٍ تُنمّي مهاراتِه الشّخصيةَ والإبداعيةَ. فبدلًا من أن يكونَ التّعليمُ وسيلةً لاكتشافِ القدراتِ وتنميتِها، غدا نظامًا تقليديًّا جامدًا يعتمدُ على الحفظِ والتلقينِ، مما يُعيقُ التّفكيرَ النّقديَّ والإبداعيَّ لدى التّلاميذِ.
إنَّ الاعتمادَ على الحفظِ كأسلوبٍ رئيسيٍّ في التّدريسِ لم يعُدْ مُجديًا في عصرٍ تتوفّرُ فيه المعلوماتُ بسهولةٍ. فالتلميذُ يُجبرُ على حفظِ كمياتٍ هائلةٍ من المعلوماتِ دونَ أن يفهمَ فائدتَها الحقيقيةَ أو كيفيةَ تطبيقِها في حياتِه اليوميةِ، مما يجعلهُ يشعرُ أنَّ ما يتعلّمُهُ ليسَ سوى عبءِ ثقيلٍ لا طائلَ منهُ. وهذا أحدُ الأسبابِ الرئيسيةِ التي تجعلُ نسبةً كبيرةً من الطّلابِ يتخرّجونَ من المدرسةِ وهم يكرهونَها، غيرَ قادرينَ على استيعابِ القيمةِ الحقيقيةِ للموادِّ التي درسوها بسببِ الضّغطِ الهائلِ الذي تعرّضوا لهُ.
أليسَ من المفترضِ أن يكونَ التّعليمُ تجربةً ممتعةً تُساعدُ الطّالبَ على اكتشافِ شغفِه، بدلًا من أن تُصيبهُ بالإنهاكِ؟! حانَ الوقتُ لإعادةِ النّظرِ في النظامِ التعليميِّ والانتقالِ إلى أساليبَ أكثرَ حداثةً وفعاليةً، تُوازنُ بينَ الدراسةِ والراحةِ، وتُحفّزُ الإبداعَ بدلًا من أن تُكبّلهُ بالحفظِ والتكرارِ.