عاشوراء مدرسةٌ جمعتَِ الفكرَ السّياسي، الاجتماعيّ، الإنساني والأخلاقي تحت عنوان:” الثّورات المقدّسة” ولخّصت دروساً في التّضحيةِ و العطاء والإيثار والوفاء والصّمود عجزَت عن تقديمه أعتى محافل الدّول في وقتنا المعاصر .
ثوّار ُهذه المدرسة من أعظمِ رُوّاد النّهضة الفكريّة على مرور الزّمن.
فإذا تناولنا السّيرةَ الكربلائيّةَ ضمن إطارها الثّوري فإنّنا نجد أن الامام الحسين(ع) قد جسّد معنى القيادة الحقيقيّة التي رفضت الاستسلام والخنوع، ورسّخت المبدأ الأساسي الّذي نادى به الإمام ببداية مسيرته وهو” طلب الإصلاح” بالرّغم من تفاوت في العدّة والعديد.
رغم قلّة أهمية هذه المعركة من النّاحية العسكرية إلا أنّها تركت آثارًا سياسيّةً وفكريّةً ودينيّة
هامّة حيث أصبحَ شعارُ “الثّورة ضدّ الظّلم” عاملًا مركزيًا في تبلور الثّقافة الثّورية وأصبحت المعركة وتفاصيلها ونتائجها تمثّل قيمة روحانية ذات معاني كبيرة لدى المفكّرين الذين يعتبرون معركة كربلاء ثورة سياسية ضد الظلم.
قال غاندي: “إذا أرادت الهند أن تنتصر فعليها أن تقتدي بالحسين، فقد علّمني الحسين كيف أكون مظلوماً، فأنتصر”.
وقال المستشرق الألماني ماربين: “قدّم الحسين للعالم درسا في التَضحية والفداء من خلال التّضحية بأعزّ النّاس لديه ومن خلال إثبات مظلوميّته وأحقّيّته. لقد أثبت هذا الجنديّ الباسل في العالم الإسلاميَّ لجميع البشر أنّ الظلم والجور لا دوام له، وأنّ صَرحَ الظُّلمِ مهما بدا هائلاً وراسخا في الظّاهر إلّا أنّه لا يعدو أن يكون كريشةٍ في مهبّ الرّيح أمام الحقّ والحقيقة.
وقد قال الكاتب الإنكليزي كارلس السّير برسي سايكوس ديكنز : ” الإمام الحسين وعُصبتَُه القليلة المؤمنة عَزَموا على الكفاح حتّى الموت، وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلّت تتحدّى إعجابنا واكبارنا عبر القرون حتّى يومنا هذا.”
الخلاصة المستوحاة من الثّورة الحسينيّةِ هي ” إنّ الثوراتَ عادةً تصلُح لزمان ومكان محدّدَين، أمّا ثورة الإمام الحسين فهي نداءَ انطلق من مكان وزمان محدّدين إلى كلّ الأمكنة والأزمنة ،فخرجت ثورتُه من دائرة الزّمان والمكان إلى دائرة القضيّة والمفهوم.
فبكربلاء الكلُّ اسْتُشْهد أمّا قضيّتها فقد بقيت خالدة خلودَ الزّمن، وبالتّالي حقّقت أهداف الثّورة الحسينيّة ألا وهي: ” الإصلاح بمختلف جوانبه”.
وبكلّ بساطة ثورة الحسين هي: “ثورة المظلوم على الظّالم ويوم انتصار الدّم على السيف.”