عالمُ العمل، بينَ الطّموحِ والتّحدّيات

عالمُ العمل، بينَ الطّموحِ والتّحدّيات

بقلم: زهراء عباس أبوزيد
تدقيق: هادي محمود نصّار

لطالمَا كانَ العملُ جُزءاً جَوهريّاً مِن حياةِ الإنسان، لا لِتأمينِ الرِّزقِ فَحسب، بَل لتحقيقِ الذّاتِ والشُّعورِ بالإنجاز. ومع تطوُّرِ المُجتمعاتِ وتغيُّرِ حاجاتِها، تغيَّرَ مفهومُ العملِ وتوسَّعَتْ تحدِّياتُه. اليَوم، لَم يَعُدِ النَّجاحُ في عالمِ العملِ مُرتبطاً فقطْ بالكفاءَة، بَلْ أيضاً بالمُرونة، والعَلاقات، والحَظِّ أحيانا.
فهَلْ ما زالَ الاجتِهادُ وحدَهُ كافياً للنَّجاحِ في هذا العالَم، أم أنَّ مَعاييرَ النَّجاحِ تغيَّرت؟

العملُ ليسَ فقطْ وسيلةً للعيْش، بَل هُوَ ما يصقلُ المَهارات، ويكشفُ نقاطَ القُوّةِ والضَّعفِ في الشَّخصيَّة. من خلالهِ يتعلَّمُ الإنسانُ الصَّبر، والمسؤوليّة، والانضِباط. كَما يعدُّ العملُ فُرصةً للانفِتاحِ علَى الآخَرين وبناءِ عَلاقاتٍ مهنيّةٍ واجتماعيّةٍ تعزِّزُ منْ خبرتِهِ ونُضجِه. ولذلِك، فإِنَّ اختيارَ المسارِ المهنيِّ المناسبِ يؤثِّرُ مباشرةً على جودةِ الحياةِ وسعادةِ الفَرد.

مَع تسارُعِ التِّكنولوجيا وتحوُّلِ السُّوقِ إلى بيئةٍ تنافسيّةٍ قاسيَة، أصبحَتْ فرصُ العملِ نادرةً في بَعضِ المجالات، ومتغيِّرةً بِاستِمرار. لمْ يعدِ الثَّباتُ هوَ القاعدَة، بَلْ التّجدّدُ والتّكيُّف. كَما أنّ الكثيرَ منَ الشَّبابِ يُواجهونَ ضَغطاً كبيراً في العثورِ على فرصٍ تناسِبُ طُموحاتهِمْ و مؤهّلاتهِم، ما يخلقُ فجوةً بينَ الواقعِ والتّطلُّعات.

عالَمُ العملِ يشبهُ البَحر، مَن أتقنَ السِّباحةَ فيهِ وَصَل، و من تردَّدَ أو توقَّف، غرقَ في أمواجِهِ المُتسارِعة. الاجتِهادُ لا يزالُ مُهمّا، ولكنَّهُ لَم يَعُد كافياً وحدَه، بَل باتَ لا بُدَّ مِن تَطويرِ المَهارات، و مواكبةِ التَّغيير، وبناءِ عَلاقاتٍ إيجابيّة.

فهَل نَحنُ مستعِدّونَ للتَّأقلمِ مَع هذا العالمِ المُتحوِّل، أم لا بُدَّ مِن إِعادةِ صِياغةِ مفهومِ العملِ نفسِهِ؟