بإمكانكَ الانتظارُ، انتظارُ قهوتكَ لتبردَ، انتظارُ حافلةِ جامعتكَ لتصلَ، انتظارُ المطرِ ليهطلَ، بإمكانكَ انتظارُ الأشياءِ لأنّها أشياءٌ، فمفهومُ الأشياءِ يسيرُ وفقَ منطلقٍ معيّنٍ. بإمكانكَ انتظارُ عائلتكَ لانّهم لا بديلَ عنهم. و لكنْ يبقى السؤالُ الوحيدُ هل بامكانكَ ان تبقى منتظرًا امرًا لا تتوقّعْ ان يحدثَ؟
إنّ أصعبَ الأشياءِ هو انتظارُ حدوثِ شيءٍ دونَ أن يحدثَ، وعندما يطولُ الانتظارُ يشعرُ الإنسانُ بالحزنِ ويبدأُ بفقدانِ الأملِ تدريجيًّا ، فكيفَ ستنتظرُ مع ألفِ فكرةٍ و ألفِ احتمالٍ الذي يكفي لتدميرِ شوقِ انتظاركَ و اصابتكَ بهوسِ الافكارِ الامرُ الذي يجعلكَ في صراعٍ مع نفسكَ ،صراعٌ بين قلبكَ و عقلكَ و بين محبّتكَ لهذا الامرِ و ملَلِكَ من انتظارِهِ. ستفكّرُ بعدها انّكَ لستَ مضطراً لان تنتظرَ اكثرَ ستفكّرُ بأنّكَ تكلّفُ نفسكَ كثيراً فتحزنَ على نفسكَ، و لكنِ المضحكُ المبكي بأن خبايا نفسكَ ستحثُّكَ على انتظارِ هذا الامرِ اكثرَ و اكثرَ و هذا ما يسمى بالانتظارِ المجهولِ.
الانتظارُ المجهولُ هو الانتظارُ الذي يجهلُ فيه المنتظرُ الى متى سينتظرُ او ماذا سيحصلُ بعد هذا الانتظارِ لأنّ ما ينتظرهُ يشوبهُ الغموضُ و عدمُ الوضوحِ. فلستَ انتَ من اخترتَ الانتظارَ لكنّكَ اضطررتَ على ذلك…
لكنّكَ مع مرورِ الوقتِ ستعلمُ أن قدركَ السعيدَ هو الذي لم تخططْ له في خيالكَ و لم تبنِ التوقعاتُ عليهِ، مع الوقتِ ستكفُّ عن الانتظارِ لانّكَ لم تعدْ متعطّشاً اكثرَ لما انتظرتَهُ ستدركُ أن امنياتكَ قد تنقلبُ في لحظةٍ لتصبحَ اشياءًا في غايةِ الاعتياديّةِ دونَ سببٍ مبرّرٍ
لكنّكَ ستبقى على قيدِ الانتظارِ!