فِي زَحمةِ الحَياة، لا تَفقِد نَفسكَ: اكتَشِف قوَّتكَ الحقيقيَّةَ مِن خِلالِ الهِوايات.

فِي زَحمةِ الحَياة، لا تَفقِد نَفسكَ: اكتَشِف قوَّتكَ الحقيقيَّةَ مِن خِلالِ الهِوايات.

بقلم: ريم محمد عيد رمضان
تدقيق: هادي محمود نصّار

فِي خِضمِّ الحَياةِ اليَوميّةِ المَليئةِ بالضّغوطِ والمَسؤوليّات، غالباً ما ننسَى أنفُسَنا ونغرقُ فِي روتينٍ لا يُتيحُ لنا مَساحةً للتَّجدِيد. هُنا تبرزُ أهميَّةُ الهِواياتِ كمَنفذٍ حيويٍّ يُساعدُنا على استِعادةِ تَوازننَا النَّفسيّ. فالهِوايةُ ليسَت مُجرَّدَ نشاطٍ نقومُ بهِ لتَمضيةِ الوَقت، بَل هِي استثمارٌ فِي صِحّتنَا العَقليّة والعَاطفيّة. تُعتبرُ الهِواياتُ وَسيلةً للهُروبِ منَ التَّوتُّر، وتعزيزِ الشُّعورِ بالإنجَاز، واكتِشافِ جوانبَ جَديدةٍ مِن شخصيّاتِنا. لكِن، كيفَ يُمكنُ لهذهِ الأنشِطةِ البَسيطةِ أن تُحدثَ كلَّ هَذا التَّأثيرِ الإيجابيِّ علَى حالتِنا النَّفسيَّة؟ وهَل تختَلفُ أهميَّةُ الهِوايةِ باختلافِ شخصيَّةِ الفَردِ ونوعِ النَّشاطِ الَّذي يمارسُه؟

الهِواياتُ تَمنحُنا فُرصةً فريدةً للتَّعبيرِ عَن الذَّاتِ واكتِشافِ مواهِبنا الكامِنة. عِندما نُمارسُ هِوايةً نُحبُّها، سواءَ كانَت الرَّسم، العَزفَ علَى آلةٍ موسيقيَّة، الكِتابَة، أو حتَّى الزِّراعة، فإنَّنا نمنحُ عقلَنا وجِسمَنا فُرصةً للانخِراطِ فِي نشاطٍ مُمتعٍ ومُجز. هَذا الإنخِراطُ يقلِّلُ مِن مُستوياتِ التّوتُّرِ والقَلق، ويَعملُ بمَثابةِ تِرياقٍ فعّال للضُّغوطِ اليَوميَّة. بالإضافةِ إلى ذلِك، فإنَّ تَحقيقَ تَقدّمٍ فِي هِوايةٍ مُعيَّنة، مهمَا كانَ بَسيطا، يعزِّزُ الشُّعورَ بالإنجازِ والثِّقةِ بالنَّفس، ممَّا يَنعكسُ إيجاباً علَى نَظرتِنا لأنفُسنا وقُدراتِنا.

علَى الصَّعيدِ الإجتِماعيّ، تَلعبُ الهِواياتُ دوراً مهمّاً فِي توسيعِ دائرةِ مَعارفنَا وتحسينِ مهاراتِنا الاجتِماعيّة. العديدُ مِن الهِواياتِ مثلَ الانضِمامِ إلى نَوادي القِراءَة، الفِرقِ الرِّياضيَّة، أو ورشِ العَملِ الفَنّيَّة، تجمعُ بينَ أشخاصٍ يشاركونَنا نفسَ الاهتِمامَات. هذهِ التَّجمّعاتُ توفِّرُ بيئةً داعمَةً للتّفاعلُ الاجتِماعيّ، وبناءِ صَداقاتٍ جَديدَة، وتبادلِ الخُبراتِ والمَعرفَة. هذا التّواصلُ الاجتِماعيّ يَكسرُ عُزلةَ الحَياةِ الرّوتينيَّة، ويُغذّي حَاجتِنا الأساسيَّة للانتِماءِ والتَّواصلِ مَع الآخَرين، مِمّا يُساهمُ فِي تَحسينِ حالتِنا المِزاجيَّةِ بِشكلٍ عَامّ.

فِي النِّهايَة، يُمكنُ القَولُ أنَّ تَخصيصَ وقتٍ للهِواياتِ ليسَ رَفاهيَّة، بَل ضرورةٌ مُلحّةٌ لصحَّةِ عُقولِنا وأرواحِنا. إنَّها طَريقةٌ فعَّالةٌ لإعادةِ شَحنِ طاقتِنا، وتجديدِ شَغفِنا بالحَياة، واستعادةِ شُعورِنا بالهَدف. فالهِواياتُ تُساعدُنا علَى العَودةِ إلَى ذَواتِنا الحَقيقيَّة، بَعيداً عَن الأدوارِ الَّتي نَلعبُها فِي حَياتِنا المِهنيّةِ أو الإجتِماعيَّة. ولكِن، كيفَ يُمكنُنا أَن نَدمجَ الهِواياتِ فِي حَياتِنا المُزدَحمةِ بطَريقةٍ مُستدامةٍ ومُثمرَة؟