يُولَد الإنسانُ في الحَياة مَرَّةً واحِدَة وَيَعِيشُ مَرَّةً واحِدَة فَيَسَْعى دَوْماً إلى أنْ يَكُونَ مُتَألِّقاً نَاجِحاً مُتَمَيِّزاً عَنْ غَيرِهْ.
فَنَحنُ مِنَ الفِطرَة وُلِدْنا لِنَكونْ الأفْضَل وَنَسْعى لِأثْباتِ ذاتِنا وَتَركِ بَصْمَة شَخْصِيَّة تَجْعَلُنا مُختَلِفين عَنْ الآخَرِين ….
وَتَمْضِي بِنا الأيامُ وَنَكبُرْ عَلَى تَحْقِيقِ الأحْلامْ ، لٓكِن الحَياة لا تُقَدِم هَذهِ الفُرصَة عَلَى طَبَقٍ مِنْ ذَهَبْ فَلِكُلِ إمرَءٍ عَلَيهِ أنْ يَسْلُكَ ألطّريقَ وَالوِجْهَة ألّتِي تُحَدِدُ لَهُ المَصيرَ،وهُنا تَبْدَأُ التَحَدِّياتُ بِقَرارٍ يَنبِعْ مِنَ الإنْسْانِ حَولَ العَزيمَة بِإكمالِ الطَرِيق أوْ رُبَمَا الإسْتِسْلام .
أنْ نَتَّخِذَ قَراراً لَيسَ بِالأَمْرِ السّهلِ إنَما العَكسْ فَالكَثيرُ مِنْ قَراراتِنَا ألّتي نَمْضِي بِهَا لَرُبَمَا تَكُونُ الأَصْعَبْ والأكْثَرَ تَعقيداً مِمَّا يَظُنُ البَعضُ لكِنْ كَما نَقُولْ لا يَصُحُّ إلَّا الصَحِيحْ .
فَتَرى مِنَ النَّاسِ يَسلِكُونَ طَرِيقاً خَاطِئاً بِسَبَبِ ظُروفِ الحَيَاة ألَّتِي تَدْفَعَهُم إلىَ المَضِي بِهَا وَتَرى بَعضِهمْ يُقاوِمْ الظُّرُوفْ وَلا يَسْتَسلِمْ بَغِيَّة ألوصُولِ إلى مَا يَراهْ مُنَاسِباً لَهْ
قَرارٌ واحدٌ مِنْ شَأنِهِ أنْ يُغَيِّر حَياتَكَ لِلأفْضَل، قَرارٌ صَائِبٌ يَحكُمُ بِهِ عَقْلُكَ مِنْ شَأنِهْ أنْ يُعِيدَ إلَيكَ الثَّبَاتَ والإتِزانَ والتَّوازُن .
لا ضرورةَ أن تَكُونَ كُلُ قَرَاراتِكَ صَحِيحَة فَالكُلُّ يُخطِئُ في تَقْدِيرِ الأمُورِ وَالإنْسَانْ لا يَتَعلَّمْ إلَّى مِنْ زِمَامِ الأمُورْ لكِنْ أنْ يَكُونَ لَكَ قَرَارٌ تَمْضِي بِهِ بِعَزمٍ وَإصرارٍ خَيرٌ مِنْ أنْ تَمْضِي حَياتَكَ هَباءاً فَقَطْ تَنْتَظِرُ رَأي الآخَرِينْ وَتَمضِي بِقَراراتٍ تَفْرِضُ عَلَيكَ سَيرَ الحَيَاة وَتُضَلِلُ هُوِيَتَكَ وَتُشَتِتُ ذِهنِكَ وَتُشعِرَكَ بِعَدَمِ الإرْتِياحِ وَتُبعِدُكَ عَنْ سَاحَة القِتَالِ لِلوُصُولِ إلى مَا أنْتَ تَسْعَى لِلوُصُولِ إلَيهْ .
كُنْ أنتَ القَرارَ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْكَ الخِيار ،أفضَل بِكَثيرٍ مِنْ أنْ تَكُونَ أدَاةً تَحْتَ صوتِ قَرَاراتِ الآخَرِينَ، تَمْضِي مِنْ هُنَا إلى هُنَاكْ تَمْضِي وَلا تَعْرِفْ كَيفَ تَسِيرُ بِسَبَبِ خَوفِكَ وَعَدمِ ثِقَتَكَ بِأنْ ما تُقدِمُ عَلَيهِ سَيَجْلِبُ لَكَ مَا تَظُنُّهُ المُسْتَحِيل .وَكَأنَ الفَشَلَ هُوَ شَيءٌ مُعِيبٌ لا أعْلَمْ، وَمَنْ قَالَ إنَ جَميع قَراراتِنا يَجِبُ أنْ تَكُونَ صَحِيحَة، وَكَأنَنا خُلِقنا مُتَعَلِّمينَ وَ مَنْ قَالَ أنَّ جَميعَنَا حُكَماءٌ في قَراراتِنَا قَادَة وَنَعرِفَ فَنَّ القِيادَة لَكِنْ أيُّ جَمِيلٍ يَكُونُ عِنْدَما تَعِي إنْكَ كُنتَ أنْتَ المَسؤول، كَنتَ أنتَ مَنْ يَتَحَكَّمُ في أيِّ مَجْهُولٍ تُصادِفُهُ في حَياتِكَ أو تَصْتَدِم بِهِ، لا أعْلَم لِما نَخافُ أو مِمَّا نَخَافْ لَكِنْ كُلُّ مَا أعْلَمْ أنَّهُ لَدَينا حُرِيَّةٌ وَلَسْنا مُجْبَرينَ أنْ نَكُونَ ضَحَايا وَنَحتَمي خَلفَ أعْذارِ الطَّرِيق
هَذِهِ الحَياة، وُلِدنَا فِيها كَيْ نَكُونَ أَحْراراً وَلَسْنا كَالعَبِيدِ، لِي وَلَكَ حُرِّيةُ القَرَار، لِي وَلَكَ حُرِّيَةُ الإخْتِيار .
