ما بينَ الطّفولةِ و الرُّشدِ أعوامٌ عديدةٌ كأن تكونَ ما بينَ الأرضِ و السّماءِ حيثُ الحريَّةُ المطلقةُ و حياةٌ أخرى تفصلُ ما بينَ حياةِ الرُّشدِ و حياةِ الطُّفولةِ ….
إنّهُ سنُّ المراهقةِ ، حيثُ الاكتشافُ و حبُّ المغامرةِ سلطانانِ ذو رئاسةٍ شاملةٍ على الإنسانِ ، ليسَ سنّ اكتشافٍ فقطْ بل يتفاجأ بالواقعِ باسطًا يديهِ بينما كانَ يحلِّقُ و يسرحُ و يمرحُ دونَ أن يصطدمَ بأبوابِ قوانينِ الحياةِ المعزَّزةِ بالأقفالِ و الأغلالِ …
أوّلُ اكتشافٍ للمراهقِ ، (حقائقُ البشرِ ) ، ينكشفُ الغطاءُ و توضحُ الرؤيةُ ، و يرى بأنَّ المكرَ و الشرَّ لا يرتكزُ فقط في قصصِ الطُّفولةِ فيرى الثّعالبَ في حياتِهِ اليوميَّةِ ، و الحمقَ في رؤوسِ الكثيرينَ حولَهُ ، و يكتشفَ أيضاً أنّهُ ليس كلّ الناسِ مكلَّلينَ بالصِّدقِ و الرَّحمةِ كما كانَ يحسبُهُم في طفولتِهِ و أنَّ للجمالِ عدوٌّ تتَّصفهُ أرواحٌ كثيرةٌ ، و هنا تبدأُ اختباراتُ الحياةِ تتوالى أمامَهُ دونَ توقُّفٍ إمّا أن يصمُدَ أو أن يُليِّنَ الحديدَ ، رغمَ كرهِهِ للامتحاناتِ المدرسيَّةِ ، لكن ذلكَ ليسَ بإرادتِهِ أبداً ….
طاقةٌ لا متناهيةٌ يمتلِكُها المراهقُ و توجيهُ تلك الطاقةِ بيدهِ ، إما أن يُسرِفها بأعمالِ الطّيشِ و الوقوعِ بالأخطاءِ السّخيفةِ و الغير مبررةِ أو يستفيدَ منها و يُنمي قدراتَهُ او يتعلَّمَ حرفةً و مهاراتٍ جديدةٍ …
لا بدَّ من الوقوعِ بالكمائِنِ التي تنصِبُها الحياةُ بين تارةٍ و أخرى ، لكن يجبُ أن يكونَ الإنسانُ على يقظةٍ فهو لم يعدْ بعقلِ طفلٍ بدأ احتسابَ أخطائِهِ و يعلمَ بأنَّ العمرَ بدأ ،لامجالَ للأخطاءِ و العثراتِ التّافهةِ …
عزيزي القارئ ، إذا اجتزتَ هذه المرحلةَ فأرشِدْ غيرَكَ و كن لهُ خيرَ ناصحٍ و دليلٍ ، و إن كُنت في ذلك السنِّ تذكَّرْ بأن عدادَ العمرِ يكبُرُ، لا تفتعلْ مشاكلَ تندمْ عليها في سنِّ الرُّشدِ ، هيّئ ذاتَكَ للأعوامِ القادمةِ، إنَّكَ ما بينَ الطُّفولةِ و الرُّشدِ …