بقلم: ريم محمد عيد رمضان
تدقيق: هادي محمود نصّار
في قلبِ الصِّراعات، حيثُ تتكاثفُ الآلامُ وتتعالى أصواتُ الخسارات، تنشأُ معضلةٌ وجوديّة، هل يكونُ الحُلمُ ترفاً في زمنِ الإنكسار، أم ضرورةً ملحّةً لمواجهةِ القسوة؟ تبدو مشاعرُ التّهجيرِ والحربِ والانهيارِ الإقتصاديِّ كأنّها بيئةٌ طاردةٌ للأمل، لكنّنا نجدُ في المقابل، من يجعلُ منها تربةً خصبةً لرؤيةٍ جديدةٍ تعيدُ صياغةَ الحياة، فهل يمكنُ أن يكونَ للمعاناةِ وجهٌ آخر، يُشعلُ في الإنسانِ شرارةَ الحُلمِ ويُحفّزهُ على التحدّي؟
إنَّ الذّاكرةَ الفرديّةَ والجماعيّةَ مليئةٌ بشهاداتٍ حيّةٍ عن ولادةِ الإبداعِ في لحظاتِ الانهيار. من بينِ الأنقاض، تخرجُ قصائد، لوحات، مشاريعٌ مجتمعيّة، بل وأحياناً تحوّلاتٌ جذريّةٌ في نظرةِ الإنسانِ للحياة. فالحُلم، حينَ ينبثقُ من رحمِ الألم، لا يكونُ عابراً أو هشّاً، بل يُصبحُ حاملاً لمعنى أعمق، مرتبطاً بالبقاءِ والهويّةِ والمقاومة. إنّها ليسَ فقط رغبةٌ في المستقبل، بل لغةٌ للبقاءِ وسطَ الخراب.
غيرَ أنَّ تحويلَ الصِّراعِ إلى طاقةٍ خلاّقةٍ لا يتمُّ تلقائيّا، بل يتطلّبُ بيئةً حاضنة، دعماً نفسيّا، ومساحاتٍ للتّعبير، وإيماناً داخليّاً بجدوى الحُلم. هنا تلعبُ العائلةُ والمجتمعُ والمدرسةُ ووسائلُ الإعلامِ أدواراً محوريّة. فالشّخصُ الذي يُحاصَرُ بالخوفِ واليأسِ يحتاجُ لمن يُوقظُ فيهِ الحُلم، لا لمن يُذكّرهُ دوماً بالعجز. ومتى توفّرت هذه البُذور، يبدأُ الفردُ بتحويلِ محنتهِ إلى مشروعِ حياة.
في الختام، كيفَ يمكنُنا، كأفرادٍ ومجتمعات، أن نُعيدَ بناءَ ثقافةٍ تُكرّسُ فكرةَ أنَّ الحُلمَ ليس نقيضاً للصّراع، بل استجابةٌ لهُ؟ وهل نستطيعُ أن نزرعَ في الأجيالِ القادمةِ القدرةَ على تحويلِ الألمِ إلى أُفق؟