بقلم: ريان إبراهيم نجم
تدقيق : فاطمة محمّد صالح الموسويّ
في ظِلِّ التَّحوّلاتِ المُتسارِعةِ الّتِي يَشهدُهَا سوقُ العمَل، لَم تعُدِ الشَّهادةُ الجامعِيَّةُ ضَماناً كافياً لِلحُصولِ علَى وظِيفة. إذْ باتَتِ المَهاراتُ والخِبرةُ تتَصدَّرُ قائمةَ أولويَّاتِ التَّوظيفِ لدَى العَديدِ منَ الشَّركات، فِي وقتٍ يتَراجعُ فيهِ الإعتِمادُ علَى المَسارِ الأَكادِيميّ. فمَا هوَ مَوقعُ الشَّهادةِ الجامعيَّةِ اليومَ نَظراً لإعتِبارِ المَهاراتِ العَمليّةِ مِعياراً أساسياً للتَّوظِيف؟
لَقد كشفَ هَذا التَّحوُّلُ المُفاجِئُ عَن فَجوةٍ في مَعاييرِ سُوقِ العمَل، بينَ ما تُقدِّمُهُ المُؤسَّساتُ التَّعليميَّة، وبينَ ما يَتطلَّبُهُ الواقِعُ المِهنيّ، حيثُ أصبحَ التَّركيزُ علَى الكَفاءَة، والقُدرةِ على الإنجَاز، عِوضاً عنِ المُؤهَّلاتِ الأكادِيميّة. كمَا ساهمَتِ الدَّوراتُ التَّدريبيَّة، والتَّعلُّمُ الذّاتيُّ عبرَ المَنصّاتِ الرَّقميّةِ فِي فَتحِ آفاقٍ جَديدةٍ تُمكِّنُ الأفرادَ مِن دُخولِ سوقِ العَملِ دونَ اللُّجوءِ إلى المَسارِ الجَامعيّ.
وعلَى الرَّغمِ مِن ذلِك، لا تزالُ الشَّهادةُ الجَامعيَّةُ تَحظى بِقيمتِهَا فِي شتَّى الإختِصاصاتِ الّتِي تَتطلَّبُ تَأهيلاً عِلمياً دَقِيقا، كالطُّبِّ والهَندسةِ والقانُون. ومعَ اشتِدادِ المُنافسةِ فِي سوقِ العمَل، لم يعُدِ الإعتمادُ علَى الشَّهادةِ الجَامعيَّةِ وحدَهَا ضَماناً كافياً للتَّوظِيف، بَل يتوجَّبُ تَوازُنٌ بينَ التَّأهيلِ الجَامعيِّ والمَهاراتِ العَمليّةِ المُكتسَبة.
فِي الخِتام، لم تَعُدِ الشَّهادةُ الجَامعيَّةُ مِعياراً وحِيداً لتَحديدِ كفَاءةِ الفَرد، إذْ أصبحَتِ القِيمةُ الحَقيقيّةُ تُقاسُ بقُدرةِ الفردِ علَى اكتِسابِ المَهاراتِ العَمليّةِ والتَّكيّفِ معَ مُتغيّراتِ سوقِ العمَل. فكيفَ يُمكنُ للخِرّيجينَ الجُددِ مُواجهةُ التَّحدّياتِ المُتزايدَة، وضَمانُ اكتِسابِ المَهاراتِ اللّازِمةِ للإنخِراطِ في سوقِ العمَلِ المُتغيِّر؟