هو انفجار ولكن من نوعٍ آخر!
نحن لا نتحدّث هنا عن انفجار قنبلة أو عبوة ناسفة.
ولا نتحدّث عن انفجار بين كواكب أو كويكبات في الفضاء الخارجيّ أو في مجرّة “دربالتبّانة”.
وإنّما المقصود هو انفجارٌ فضائيّ إعلاميّ عربيّ!
بين ليلةٍ وضحاها، استفاق المواطن العربيّ على طفرةٍ من مئات القنوات التّلفزيونيّةالفضائيّة، الّتي غزت البيوت والعقول معًا، واقتحمتها دون استئذان، وفي إحصائيّاتلعام 2017، بلغ عدد القنوات الفضائيّة العربيّة نحو 1300 قناة، عابرة للحدود الجغرافيّة،ما يدلّ على التطوّر والنموّ الهائل في هذا القطاع، خاصّةً بعدما كان يقتصر عددها خلالالعقدين الماضيّين على بضع عشرات فقط.
على الرّغم من الإيجابيّات الكثيرة الّتي تحملها تلك الفضائيّات، والّتي جعلت من العالمالعربيّ قريةً كونيّة صغيرة، لناحية انفتاح الدّول على بعضها البعض، وتبادل المعلوماتوالثّقافات فيما بينها، ومواكبة التّطورات والأخبار والأحداث المتنوعة، إلا أنّها لا تزالتعاني من ضعفٍ وفقرٍ في البرامج الثّقافيّة والفكريّة والتّربويّة والاجتماعيّة ذات المضامينالهادفة، الّتي تعالج قضايا المواطن العربيّ وهمومه المختلفة والمتنوعة، والّتي تصبّ فيصميم أولوياته وحاجاته، هذا فضلاً عن غياب البرامج التّرفيهيّة والمسابقات المستوحاةمن خصوصيّة كلّ شعب من شعوب المنطقة العربيّة وهويّته وانتمائه وتراثه وثقافته،والّتي تنطلق من فكرة تنمية المواهب وتطويرها ودعمها، حيث نجد أنّ البرامج الموجودةحاليًّا هي في المجمل تقليد وإستيراد لأخرى غربيّة لا تتلاءم مع ثقافتنا وهويّتنا العربيّة. أضف إلى ذلك، افتقار تلك الفضائيّات إلى رؤية ومنهجيّة واضحة تعزّزُ مفهوم الانتماءوالولاء للوطن وكذلك مفهوم المواطنة. هذا فضلاً عن انتشار بعض البرامج الهابطة الّتيليس من ورائها أيّ قيمة علميّة أو أي فائدة تُذكر، وهي تستحوذ على تفكير الكثيرينوتحتلّ حيّزًا كبيرًا من أوقاتهم واهتمامهم، كتفسير الأحلام، والأبراج، والفضائح،وغيرها الكثير.
ولكن هل يقتصر دور هذه الفضائيّات على هذا الجانب فقط؟
ففي الوقت الّذي نجد فيه معظم القنوات تتجاهل تسليط الضّوء على ما هو مهموضروريّ، كإنجازات الأمّة العربيّة وإبداعاتها في مختلف المجالات والعلوم، نجدها تعملفي البحث والنّبش عن أيّ موضوع أو قضيّة، سواء في الماضي أو الحاضر، من شأنهاخلق الشّرخ وإثارة الفتن والنّعرات الطائفيّة والقوميّة والحزبيّة بين أبناء الأمّة الواحدة، لا بل حتّى بين أبناء الوطن الواحد.
فهل حان الوقت للتصدّي لذلك الخطر الإعلاميّ، أم نقول وداعًا للعقل العربيّ؟!