وطني يؤلمني، ✍️مقال بقلم نظيرة علوه

وطني يؤلمني، ✍️مقال بقلم نظيرة علوه

كيفَ تكونُ لبنانيًّا؟؟
_ حينَ تعاندُ الضّبابَ وتتحدّى مواعيدَ الأرضِ فيخذُلكَ المطرُ ويجفُّ انتظاركَ فتمطرُ منكَ .. دمعةَ الخذلانِ
_ حين تخورُ قواكَ في مستهلِّ شبابكَ فتصبحَ عجوزًا يملكُ في جعبتهِ حقيبةً مليئةً بالحكاياتِ الحزينةِ..
_ حينَ تتناثرُ أشلاءُ أحلامكَ تحتَ أقدامِ عنزةٍ.. فتحسدُها على مرقدِها وتحسدُ رجلًا ماتَ منذُ مئاتِ السّنينِ وكأنّما الموتُ حلمٌ..
حينَ تأبى نفسُكَ الخضوعَ فتعلو بها على أجنحةِ غربةٍ متكسّرةٍ فلا يبقى من عزّتكَ سوى حبرٍ لبنانيٍّ على ختمِ جوازِ السّفرِ.. حينَ يلفُّ الظّلامُ مقلتيْكَ وتنطفئُ شمسُ العزّةِ ولا يضيءَ ليلَكَ سوى أضواءِ شوارعِ الذّاكرةِ الملتهبةِ..
حينَ تبحثُ في صلاتكَ عن الايمانِ فتنشدهُ في المعابدِ والمساجدِ ولا ينالكَ سوى الصدى.. ( ما في حدا).. حينَ يصبحُ خبزكَ مرهونًا بنذرِ عقيمٍ تبحثُ له عن شمعةٍ بينَ ادراجِ الضّياعِ ..
_ حين تصلّي لتصبحَ ساذجًا (وربّما سياسيًّا) لا يشغلُ بالكَ منبِّهٌ صباحيٌّ ولا يعبثُ بسُباتكَ القتيلُ قلقٌ من الغدِ ..
_ حينَ تعبثُ السّبعُ العجافُ بسمانِ العزّةِ فتستقلَّ قطارَ ذلٍ يصفِّرُ على سكَّةٍ جليديّةٍ كمن يقرعُ طبولَ الموتِ المحتّمِ..
_ حينَ تسافرُ على كلماتِ أغنيةٍ ثوريَّةٍ قديمةٍ لتثورَ في نفسكَ رغبةَ التّجديدِ فتضاجعُ سريرُكَ علّ النّومَ يعيدُ لكَ سيرتَكَ الاولى ..
_ حينَ تستنهضُ طائرَ الفينيقِ فيُحدثُ صحوتُهُ دمارًا أشدَّ من ركامِ المقابرِ وحطامِ المبادئ المباعةِ في سوقِ المعابدِ ..
_ حين تتلوّى في صمودكَ كراقصةٍ عجوزٍ ترجو ايامَ الصّبا فتعلو صيحاتُ الجمهورِ السّاخرةِ طالبةً منها الاعتزالَ ..
_ حينَ تصبحُ الحرباءُ صديقتكَ والجرذَ حارسَ أرضكَ والثّعلبَ يدُكَ اليمنى والثّعبانُ مستشارُكَ وغرابُ البينِ الحاكمِ بأمركَ..
_ حينَ يستبيحُكَ جلّادُكَ باسمِ المحبّةِ
ويقتُلكَ الطّاغيةُ باسمِ العدالةِ
ويُسرقَ قمحُكَ باسمِ الفضيلةِ
وتُعلَّقَ على خشبةٍ باسمِ القدّاسةِ
ويؤكلُ كبدُكَ أو تُرمى في البئرِ باسمِ الوفاءِ ..
_ حينَ تتعالى على جراحِكَ وآلامكَ وذُلِّكَ وفقركَ وفاقتِكَ وحاجتِكَ الشعواءِ.. الى رمقٍ من أملٍ .. وحبّةِ دواءٍ ..
وعلى حينِ ثورةٍ منكَ .. يستيقظُ فخرُ الدّينِ
وتستعيدُ الارزةُ خلودَها..
وتَقرعُ فيروزُ أجراسَ العودةِ ..
وتقومُ بيروت من تحتِ الرّدمِ..
وتختفي الشّمسُ خلفَ جبينِكَ الأسمرِ الشّامخِ تحتَ طربوشِ اجدادِكَ ..
فتعلنُ باسمِ الطّائفِ والطّوائفِ .. استسلامًا منمّقاً بأجملِ ما قيلِ في الوطنيّةِ..
مُوَقّعًا بأحرفٍ من .. تلكَ الأبجديّةِ (المتعبةِ)