٤٦ عامًا على تغييبِ الوطنِ

٤٦ عامًا على تغييبِ الوطنِ

مقال بقلم الزميلة زينب محسن

تدقيق: منى جمعة

إشراف: هادي نصار

“سأتوجهُ إليكم في وقتٍ قريبٍ بإذنِ اللهِ، فإلى اللقاءِ مع حفظِ الأمانةِ، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ.” تلكَ الحروفُ والكلماتُ التي يقشعرُّ لها بدني في كلِّ مرةٍ أسمعكَ فيها، يترددُ صداها في أذني فتدمعُ العينُ فخراً واعتزازاً برجلٍ ترك مسيرةً حافلةً بالشهامةِ والعزِّ، رجلٌ لولاهُ لما كنّا. أحبَّك الصغيرُ والكبيرُ، فكنتَ رمزَ الوطنِ، وكنتَ لبنانَ الكبيرَ، لبنانَ الحريةَ والحضارةَ والعيشَِ المشترك. فعندَ مغيبِك غابَ الوطنُ معك، لأنَّ هدفَ تغييبِك واضحٌ منذ البدايةِ. كنتَ للجميعِ، كنتَ لنا ولكلِّ طائفةٍ في لبنانَ. كنتَ يا سيدي الشخصيةَ الدينيةَ المحترمةَ في الإسلامِ، علّمتنا سماتِ القيادةِ والعلمِ والتقوى. وكنتَ لنا الأثرَ الأكبرَ، قمتَ بدورِ القائدِ والمرشدِ الروحيِّ للمجتمعِ، وتميزتَ بالحكمةِ والعدالةِ والرحمةِ، وسعيتَ دائماً لخدمةِ الناسِ وتوجيهِهم نحو الخيرِ والعدلِ. كيف لنا أن ننسى ما قدَّمتَ وما فعلتَ؟ أنتَ من أسَّستَ المجالسَ الإسلاميةَ في لبنانَ لتمثيلِ المسلمينَ، وأنتَ من أسَّستَ حركةَ أملْ التي تعملُ على تحقيقِ العدالةِ الاجتماعيةِ والسياسيةِ للمجتمعِ الشيعيِّ في لبنانَ. أنتَ من سعيتَ إلى تعزيزِ الوحدةِ الوطنيةِ والتعايشِ السلميِّ بين الطوائفِ في لبنانَ. لطالما آمنتَ بقيمِ العدالةِ والتضامنِ والتعايشِ السلميِّ بين الطوائفِ المختلفةِ. وسعيتَ جاهدًا لبناءِ مجتمعٍ مترابطٍ ومتحدٍ. كنتَ كلَّ هذا يا سيدي. غبتَ وغابَ معك وطنٌ بأكملهِ. لقد قيلَ عنك الكثيرُ والكثيرُ، وكتبَ عنك كبارُ الكتَّابِ والصحفيينَ، فلم يبقَ شيءٌ ولا حتى صفةٌ تكفي لتطلقَ عليك. ولكن ما يسعني أن أقوله إليك: “وسنبقى الأوفياءَ حتى العودةِ.”