“رُبَّ خَيرٍ لَمْ تَنَلْهُ كَانَ شَرًّا لَو أَتَاكَ”.
الحَياةُ لَنْ تُعْطِيِكَ كُلَّ مَا تُحِبُ، لكِنَّ القَناعَةَ تَجْعَلُكَ تُحِبُ كُلَّ مَا لَدَيكَ، وَكَأنَّكَ تَملِكُ بَيْنَ يَدَيْكَ كُلَّ شَيئٍ.
الإنسَانُ الَّذِي لا يَرضَى بالقَلِيلِ لا يَرضَى بالكَثِيرِ، وَالَّذي يَنظُرُ لِمَا لَدَيهِ غَيرُه يَبقَى فَاشِلاً دُونَ تَقدُمُ.
القَنَاعَةُ دُرَّةٌ ثَمِينَةٌ وَلُؤلُؤَةٌ مَكنُونَةٌ، فَالَّذي إمتَلَكَها كَانَ أغنَى النَّاسِ وَأكثَرَهُم سَعَادَةً، إبتَعَدَ عَنهُ الحَسَدُ وَالغِيرَةُ وَعَاشَ بِطَمأنِينَة وَرَاحَة. أَمَّا مَنْ عَاشَ بِطَمعٍ سَيَبقَى ذَلِيلَ النَّفسِ مَسلُوبَ الإرَادَةِ، هُنَاكَ حِكمَةٌ أَلمَانيةٌ عَنِ الرِّضى تَقُولُ: “الخُبْزُ القَدِيمُ لَيسَ قَاسِي، الشَّيئُ القَاسِي هُوَ ألَّا يَكُونَ هُنَاكَ خُبزٌ” فَكُنْ رَاضِيًا بِمَا قَسَمَهُ الله لَكَ وَقَنُوع بِمَا لَدَيك.
لا تُمْضِي وَقتَكَ وَعُمرُكَ تَبحَثُ عَمَّا لَم يُقَدِّرُهُ الله لَكَ فَلا تَنسَى مَا أنتَ فِيهِ مِن نِعَمٍ، إسعَى لِلأَفضَلِ وَلِلسَّعادَةِ لَكِنْ ضُمْنَ قُدْرَتِكَ.
لا تَحْسُدِ النَّاسَ عَلَى مَا لَدَيهِم فَأنتَ لا تَعْلَمْ مَاذا أخَذَ الله مِنهُم، بَلْ تَمنَى لَهُم الخَيرَ فَعَلَى نِيَّاتِكُم تُرْزَقُون. فَأَحسِنْ نِيَتَكَ يُحسِنُ الله حَالكَ وَتَمنَّى الخَيرَ لِغَيرِكَ يَأتِيكَ الخَيرُ مِنْ حَيثُ لا تَحتَسِب، فَسَعادَةُ الآخَرِين لا تُنقِصْ مِنْ سَعادَتِك، وَغَناهُم كَذلِك، وَصِحَتَهُم لا تَسلُبْكَ صِحَتَك.
قَالَ أبو مَنصُورَ الثَعالَبي: "هِيَ القَناعَةُ، فإلزَمْها تَعِشْ مَلِكًا لَو لَمْ يَكُنْ مِنكَ إلَّا رَاحَةُ البَدَنِ، وَانظُرْ إِلى مَالِكِ الدُّنيا بِأَجْمَعِها، هَل رَاحَ مِنهَا بِغيرِ القُطْنِ وَالكَفَنِ".
تَختَلِفُ القَناعَةُ عَنِ الطُموحِ، فَالإِنْسَانُ النَّاجِحُ الَّذِي يَفهمُ الحَياةَ حَقَّ الفَهمِ يَطمَحُ للكَثِير وَيَقتَنِعُ بِمَا هُوَ بَينَ يَديهِ، لِيُحَوِلَ مَا لَدَيهِ لِذَهَبْ. لا يَعنِي أَنْ تَكونَ قَنُوعًا، أن تَتَخلَى عَنْ طُموحِكَ وَأحلامِكَ، بَلْ إسعَ وَرائَهُم وَإقتَنِع بِما تَصِلُ إلَيهِ فِي كُلّ مَرحَلةٍ.
قَلِيلٌ مِنَ الصَّبرِ، قَلِيلٌ مِنَ القَناعَةِ وَقَلِيلٌ مِنَ الرِّضَى، تَكُونُ الحَياةُ حَقًّا جَمِيلَة. فَقَدْ شُبِّهَت القَناعَةُ بالنَّظارَةِ عِندَما تَرتَدِيهَا تَرى الحَياةَ جَمِيلَةً, فالقَناعَةُ هِيَ الكَنزُ الَّذِي لا يُفنَى.