السَّرِقَة، مقال بقلم الزّميلة داليا أحمد البدوي

السَّرِقَة، مقال بقلم الزّميلة داليا أحمد البدوي

تَتَفَشَّى ظَاهِرَةُ السَّرِقَةِ فِي لُبْنان بِشَكْلٍ كَبِيْرٍ وَخَطِيْرٍ.
فَرُبَمَا يَعُودُ السَّبَبُ إلى تِلكَ التَحَدِياتِ وَالصُعُوبَاتِ الإقتِصَادِيَّةِ وَالإِجْتِمَاعِيَّةِ الَّتِي تُؤَثِرُ عَلَى السَّلامَةِ العَامَّةِ وَالأمنِ الشَّخْصِيّ.
وَلا يُمكِنُنَا الإعْتِمَادُ عَلَى النِسَبِ وَالأَرْقَامِ لِأنَّ أَعْدَادَ الجَرائِمِ الفِعْلِيِةِ أَكْبَرُ بِكَثِيْرٍ مِنَ الأَعْدَادِ المُصَرَّحِ عَنهَا.
فَالسَاّلِبُ مَثَلاً ذَرِيعَتُهُ الحَاجَةُ المَاسَّةُ لِتَأمِينِ الإحْتِياجَاتِ الأسَاسِيَّةِ وَعَدَمِ وُجُودِ خِيَارَاتٍ أُخْرَى، وَهُنَاكَ البَطَالَةُ وَهِيَ مِنَ الذَرَائِعِ الأسَاسِيَّةِ، وَالأخْطَرُ هِيَ الظُرُوفُ الإِجْتِمَاعِيَّةُ مِثْلَ العُنفِ الأَسَرِيّ وَالإهْمَالِ وَالهُرُوبِ مِنْها إلى اللُّصُوصِيَّةِ وَالسَرِقَةِ. كَذلِكَ غَضَبُ البَعضِ بِسَببِ الفُرُوقَاتِ الطَبَقِيَّةِ وإِعْتِمَادِ السَّرِقَةِ لِلتَعبِيرِ وَالإحتِجَاجِ، وَالإفلاسِ وَغَيرِهَا العَدِيدُ مِنَ الأمُورِ الَّتِي تَجْعَلُ إِخْتِيَارَ السَّرِقَةِ وَاقِعيَّةً بِالنِسبَةِ لِلبَعضِ.
فَالأَشْخَاصُ الَّذِينَ يَقُومُونَ بالسَّرِقَةِ بالدَرَجَةِ الأولَى هُمْ مِنَ الفُقَرَاءِ وَالمُحتَاجِينَ وَالمُدمِنِينَ عَلَى الكُحُولِ وَالمُخَدَراتِ وَالشَبَابِ المُراهِقِينَ وَأكثَرَهُم يَقُومُونَ بِهَذا الفِعلِ لإثبَاتِ الذَّاتِ والإنضِمَامِ لِلْمَجمُوعَةِ كَمَا ذَكَرنَا سَابِقًا نَتِيجَةَ الإهمَالِ.
فانخَفَاضُ مُستَوَى الرَّقَابَةِ وَتَدَهوُرُ الأَوْضَاعِ الأَمْنِيَّةِ سَاهَمَ فِي إنْتِشَارِ وَتَوسُعِ هَذِهِ الآفَةِ.
وَالجَدِيرُ بِالذِكْرِ أَنَّ السَّرِقَاتِ أَصْبَحَتْ بِمُعظَمِهَا غَيرَ تَقلِيدِيَّةٍ مِثْلَ مَرَايا السَّيَارَاتِ، أَغْطِيَةُ الصَّرْفِ الصّحِيّ، أَسْلَاكُ الكَهْرَباءِ، النُصُبُ التّذكَارِيَّة مِنَ الكَنَائِسِ وَالفَاكِهَةُ مِنَ البَسَاتِينِ وَغَيْرِهَا الكَثِيرُ مِنَ الأمْثِلَةِ.
مَا هُوَ السَّبِيلُ لِلْخُرُوجِ مِنْ عَصْرِ الزُّوْمِبي هَذَا؟ وَكَيْفَ يُمكِنُنَا الحِفَاظُ عَلَى أجْيالِنَا مِنَ التَفْكِيكِ وَالإِنْحِلالِ وَالإِنْجِرَارِ وَرَاءَ هَذِهِ الأَنْوَاعِ مِنَ الجَرائِمِ وَالتَّقْلِيْلِ مِنْ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ وَحْدَها؟
كُلُّ هَذَا بِرَسْمِ المَعْنِيْيِنَ وَالسّيَاسِيِيْنَ وَالتَّرْبَوِيِيْنَ وَالمُجْتَمَعِ المَدَنِيّ.