مَجْزَرَةُ “البايجرِ”حَادِثَةٌ صَعْبَةٌ.. وَدُرُوسٌ مُسْتَلْهَمَةٌ.

مَجْزَرَةُ “البايجرِ”حَادِثَةٌ صَعْبَةٌ.. وَدُرُوسٌ مُسْتَلْهَمَةٌ.

مقال بقلم: زَيْنَبُ مُحْسِنٌ

تدقيق: منى جمعة

اليَوْمُ الثَّانِي بَعْدَ أَيِّ مُصِيبَةٍ هُوَ الأَصْعَبُ دَائِمًا، حَيْثُ تَسَيْطِرُ عَلَيْنَا تِلْكَ المَشَاعِرُ المُخْتَلِطَةُ وَالمُشَوَّشَةُ، يَوْمٌ مَلِيءٌ بِالحُزْنِ وَالغُمُوضِ وَالمَشَاعِرِ المُتَنَاقِضَةِ الَّتِي تَجْعَلُنَا نَسْأَلُ أَنْفُسَنَا: هَلْ يَا تُرَى مَا مَضَى مَضَى؟ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْعَقْلِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ مِثْلَ تِلْكَ الحَادِثَةِ؟ وَلَكِنَّ الدُّرُوسَ المُسْتَخْلَصَةَ فِي هَذِهِ التَّجْرِبَةِ أَعْمَقُ، وَإِنَّهَا الدَّافِعُ نَحْوَ القُوَّةِ وَالتَّعَافِي. جِهَازُ “بَايْجِر” الَّذِي فُجِّرَ أَمْسِ (هُوَ جِهَازٌ يُعْرَفُ أَيْضًا بِالـ”beeper” وَلا يَزِيدُ طُولُهُ وَعَرْضُهُ عَنْ ٥ سَنْتِيمِتْرَاتٍ، وَيُعْرَفُ كَإِحْدَى وَسَائِلِ الِاتِّصَالِ القَدِيمَةِ وَالآمِنَةِ مِنْ نَاحِيَةِ التَّجَسُّسِ، حَيْثُ إِنَّهَا تَسْتَقْبِلُ رَسَائِلَ فَقَطْ وَاسْتُخْدِمَتْ فِي العَدِيدِ مِنَ المَجَالَاتِ. وَإِنَّ مَنْ يَسْتَخْدِمُهُ يَمْتَلِكُ رَقْمًا خَاصًّا بِهِ). وَهَذَا مَا دَفَعَ أَفْرَادَ المُقَاوَمَةِ الإِسْلَامِيَّةِ إِلَى اسْتِخْدَامِهِ دُونَ خَطَرِ انْكِشَافِ التَّوَاصُلِ أَمَامَ العَدُوِّ. وَلَكِنْ بَعْدَ مَا جَرَى أَمْسِ، كَثُرَتِ النَّظَرِيَّاتُ. عَدَدٌ مِنَ المُخْتَصِّينَ اسْتَبْعَدُوا إِمْكَانِيَّةَ تَفْجِيرِ البِطَّارِيَّاتِ عَبْرَ إِغْرَاقِ الجِهَازِ بِالرَّسَائِلِ نَظَرًا لِضَعْفِ وَاخْتِلَافِ التَّرْكِيبَةِ الكِيمْيَائِيَّةِ لِكُلِّ بَطَّارِيَّةٍ، وَالعَدِيدُ رَجَّحُوا نَظَرِيَّةَ أَنْ تَكُونَ الأَجْهِزَةُ قَدْ وَصَلَتْ مُفَخَّخَةً مِنَ الخَارِجِ. وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ عَمِيلُ الاِسْتِخْبَارَاتِ الأَمْرِيكِيَّةِ بِقَوْلِهِ: “مُتَفَجِّرَاتٌ مَزْرُوعَةٌ وَ لَيْسَتْ عَمَلِيَّةَ قَرْصَنَةٍ (إِنَّهُ لَخَرْقٌ اِسْتِخْبَارِيٌّ عَلَى مُسْتَوَى المُصَنِّعِ وَالمُوَرِّدِ عَبْرَ خَطِّ تَصْنِيعِ الأَجْهِزَةِ لِلشَّحْنِ إِلَى لُبْنَانَ، وَمِنْ ثَمَّ زَرْعُ عُبُوَاتٍ صَغِيرَةٍ دَاخِلَهَا بانتظارِ سَاعَةِ تَفْجِيرِهَا). تَكْثُرُ الفَرَضِيَّاتُ حَوْلَ هَذَا الفِعْلِ العُدْوَانِيِّ الصَّهْيُونِيِّ الَّذِي يَنْدَرِجُ تَحْتَ قَائِمَةِ جَرَائِمِ العَدُوِّ المُتَكَرِّرَةِ، فَإِنَّ هَذَا الفِعْلَ طَالَ اللُّبْنَانِيِّينَ جَمِيعًا، وَشَكَّلَ مَجْزَرَةً ذَهَبَ ضَحِيَّتَهَا أَيْضًا نِسَاءٌ وَأَطْفَالٌ. وَمَا حَصَلَ أَكَّدَ أَنَّنَا فِي بِيئَةٍ مُقَاوِمَةٍ وَمُتَمَاسِكَةٍ، جَبَّارَةٍ أَمَامَ عَدُوٍّ مُنْهَزِمٍ يَتَسَلَّحُ فَقَطْ بِإِمْكَانِيَّاتِهِ التِّكْنُولُوجِيَّةِ وَبِدَعْمٍ أَمْرِيكِيٍّ. وَمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ شَبَابِنَا يُجَسِّدُ فِينَا رُوحَ الاِسْتِلْهَامِ وَالصَّبْرِ وَالتَّوَسُّلِ بِأَهْلِ البَيْتِ (ع). وَقُلْنَا وَسَنَقُولُهَا دَائِمًا: سَنَبْقَى صَامِدِينَ فِي وَجْهِ هَذَا العُدْوَانِ مَهْمَا بَلَغَتِ التَّضْحِيَاتُ، وَسَنَرْسُمُ النَّصْرَ القَرِيبَ بِإِذْنِ اللهِ.