مقال بقلم: زَيْنَب مُحْسِن
تدقيق: منى جمعة
اشراف: هادي نصار
تَتَصَاعَدُ الْأَوْضَاعُ جَنُوبًا وَالْوَضْعُ يَزْدَادُ سُوءًا. أَهِيَ بَدَايَةُ حَرْبٍ مَفْتُوحَةٍ؟ أَمْ مُحَاوَلَةٌ صَهْيُونِيَّةٌ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى حَلٍّ دِبْلُومَاسِيٍّ بَيْنَ الْأَطْرَافِ الْمُتَنَازِعَةِ؟
هَا هُوَ الْحَالُ فِي لُبْنَانَ: قَتْلٌ وَدَمَارٌ، أَطْفَالٌ وَنِسَاءٌ أصبحوا بَنْكَ أَهْدَافِ عَدُوٍّ لَمْ يَعُدْ يَرْتَدِعْ. فَبَيْنَمَا يَزْعُمُ بَايْدِن أَنَّهُ يُحَاوِلُ إِعَادَةَ السُّكَّانِ فِي جَنُوبِ لُبْنَانَ وَفِي الشِّمَالِ الْمُحْتَلِّ، يَأْتِي نَتَنْيَاهُو مُعَاكِسًا وَيَزِيدُ مِنَ الْوَضْعِ سُوءًا. وَآخِرُ الْأَحْدَاثِ: اسْتِهْدَافُ مَبْنًى سَكَنِيٍّ فِي الضَّاحِيَةِ ببِيرُوت، مَبْنًى يَكْتَظُّ بِسُكَّانِهِ، لِيَذْهَبَ ضَحِيَّةَ الْعُدْوَانِ الْغَاشِمِ 26 شَهِيدًا مَدَنِيًّا (بَيْنَهُمْ أَطْفَالٌ وَنِسَاءٌ) وَ23 مَفْقُودًا.
بَيْنَ كَلِمَةِ شَهِيدٍ وَمَفْقُودٍ، هُنَاكَ دَمْعَةٌ عَالِقَةٌ فِي جُفُونِ عَائِلَاتٍ لَا تُفَارِقُ مُحِيطَ الْعُدْوَانِ لَعَلَّهَا تَعْرِفُ مَصِيرَ أَبْنَائِهَا. عَدُوٌّ مُتَجَرِّدٌ مِنَ الْإِنْسَانِيَّةِ، مُتَغَذٍّ عَلَى فِكْرَةِ الْقَتْلِ وَالدَّمَارِ، وَلَكِنَّ صَفْعَتَهُ الْكُبْرَى أَنَّهُ، رَغْمَ جَمِيعِ الْجَرَائِمِ الْمُرْتَكَبَةِ، لَمْ يُحَقِّقْ لَهُ إِنْجَازٌ يُذْكَرُ.
فِي مُحَاوَلَةٍ مِنْهُ، سَعَى جَيْشُ الِاحْتِلَالِ فِي تَصْعِيدِهِ الْأَخِيرِ إِلَى بَثِّ الْأَفْكَارِ الْمُزَلْزِلَةِ لِبِيئَةِ الْمُقَاوَمَةِ وَالْمُسَانَدَةِ، وَآخِرُهَا اسْتِهْدَافُ قِيَادِيِّينَ فِي مُحِيطٍ سَكَنِيٍّ انْتَهَكَ فِيهِ جَمِيعَ الْقَوَاعِدِ، وَرَكَّزَ عَلَى صَيْدِهِ الثَّمِينِ لِيُوصِلَ فِكْرَةً لِلْمَدَنِيِّينَ بِأَنَّ الْمُقَاوَمَةَ تَجْلِبُ الْخَطَرَ إِلَى بِيئَتِهَا. وَلَكِنَّ الْعَدُوَّ يَتَلَقَّى الصَّدْمَةَ مِرَارًا وَتِكْرَارًا، فَالْبِيئَةُ الَّتِي يُحَاوِلُ كَسْرَهَا جَمَعَتْ مَا تَبَقَّى مِنْهَا، وَكَانَتِ الْأَخَ وَالصَّدِيقَ وَالطَّبِيبَ لِكُلِّ الْجَرْحَى، وَنَعَتْ شُهَدَاءَهَا بِكُلِّ فَخْرٍ وَاعْتِزَازٍ. فَفِي خِطَابِهِ الْأَخِيرِ، لَفَتَ السَّيِّدُ نَصْرُ اللهِ إِلَى كَسْرِ شَوْكَةِ الْعَدُوِّ الْمُسْتَمِرَّةِ وَمَنْعِهِ مِنْ تَحْقِيقِ أَهْدَافِهِ الْمَرْسُومَةِ، لِأَنَّهُ بِكُلِّ بَسَاطَةٍ يُحَارِبُ بِيئَةً تَسْعَى فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ إِلَى الشَّهَادَةِ.
بَعْدَ الْمَجَازِرِ الْأَخِيرَةِ، انْعَكَسَتْ صُورَةُ لُبْنَانَ الشَّامِخِ وَالْمُتَمَاسِكِ، فَمُسْتَشْفَيَاتُ لُبْنَانَ غَيْرُ مُزَوَّدَةٍ وَتفتقدُ التَّجْهِيزَ كَمَا فِي بَاقِي الْقِطَاعَاتِ من الدُّوَلِ الْغَرْبِيَّةِ،ورغمَ ذلكَ أُنْجِزَ فيها 300 عَمَلِيَّةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَاسْتَطَاعَتْ أَنْ تَضُمَّ أَكْثَرَ مِنْ 300 جَرِيحٍ.
فِي الْخِتَامِ، سَيَعْلَمُ الْعَدُوُّ عَمَّا قَرِيبٍ أَنَّ الْبِيئَةَ الَّتِي يُحَاوِلُ تَفْكِيكَهَا هِيَ نَفْسُهَا الَّتِي سَتَرْسُمُ النَّصْرَ وَسَتَدْعَمُ مُقَاوَمَتَهَا وَتَرْدَعُ عَدُوَّهَا الْغَاشِمَ!