وجعُ وَطن- مقال بقلم جويل بوعلي

وجعُ وَطن- مقال بقلم جويل بوعلي


في وطني يستشهدُ بائعُ الزّهور، و يُعتقَلُ بائعُ المحروقات،
و يُجرَحَ بائعُ الخضار.كلُّ الباعَةِ مُستهدفون ،إلاّ باعةُ الوطن،فهم بالأمنِ و التّرف ينعمون .
فالوجعُ ليسَ وجعَ مُستقبلٍ قاتمٍ فيه همّ أحلامٍ طموحة،وليس وجعُ مِعدةٍ خاويةٍ تبحثُ عن لُقمةِ عَيشٍ و ليس همُّ غلاءِ المعيشة،الوجع وجعُ وطنٍ انعدَمتْ فيه الكرامة .
يتحدّثون عن الوطنية وعن الانتماء و هُم يَسعون في خرابِك،بسرقاتهم و خياناتهم
و تحقيق أمجادهم الشّخصيّة على حساب الوطن !
يتعاملون مع الوطنيّةِ على أنّها مجرّدَ شعاراتٍ يحقّقونَ من خلالها الأنا قبل أن يُرسّخوا الانتماء، يهيمون في حُبّ الوطن بالكتابات و التّغريدات
و مشروعهم في الوطن أنّهم بلا مشروع،و وطنيّتهم بلا هدف،و دقائقُ عمرهم تُهدر في أماكن لا تُذكر ُفيها الجدّيّة و البناء.
يتحدّثون عن ضرورة بناء الوطن،و إدارتهم بيئة التّخلّف
و مقابر الابداع. يرثون حال المواطن و يبكون الوطن و هم هدفُهم المفضْل تحطيم كلّ مُبدع و ناجح،جنّدوا أنفسهم لنشرِ ثقافة اليأس و الإحباط .
لقد حان وقتُ صحوةَـ الضّمير! ارحموا من فوق الارض،يرحمكم الّذي في السّماء. بات اللّبناني لاجئـاً مهجورً غريبً في وطنه نعم في وطنه،وطنه الذي اصبح غريباً عنه،غريباً في دستوره و قوانينه،في بحره الأصفر و برّه المكتظّ،غريباً في صفحات الجرائد الّتي تنعيه يوماً بعد يوم،وطنه الّذي أصبح نكتةً هزيلة على مواقع التّواصل الاجتماعيّ. وطنه الّذي لم يعد يُعرف إلّا من خلال فاتورة شهرِية ،مِن مُغتربٍ لا ينوي العودة،من خلال امراة مقتولة و شابّ شهيد ، من خلال انفجارات و مصائب كارثيّة، من خلال حُلم يتكرّر في صحوته أكثر من منامه.
فيا وطني! هل سأراك سالماً منعّماً و غانماً مكرّماً ، فهل سأراك في علاك تبلغ السّماء موطني موطني…