أنينُ الأنثى: حينَ يُجلَدُ الجَسَدُ وتَصمُتُ العَدالَة

أنينُ الأنثى: حينَ يُجلَدُ الجَسَدُ وتَصمُتُ العَدالَة

كتابةٌ وتدقيقٌ: منى غالب جمعة

في زوايا البُيوت، حيثُ يُفترَضُ أن يُصانَ الأمان، تُضرَبُ المرأةُ لا بكفٍّ واحدٍ، بل بألفِ يدٍ من ظُلمٍ وصَمتٍ وتَبرير.
عُنفٌ لا يُختزَلُ في صَفعَةٍ على الوجه، بل يمتدُّ ليُشوِّهَ الرُّوح، يُثقِلَ القَلب، ويُخرِسَ الصَّوت.

ليستِ الصَّرخَةُ وحدَها دَليلًا على الألَم، بل تِلكَ النَّظرَةُ المُنطفئَة، تِلكَ الخُطوَةُ المُتردِّدَة، وذلِكَ الضَّحِكُ الذي ماتَ قبلَ أن يُولَدَ.
كلُّ جُرحٍ تُخفِيهِ النِّساءُ خَلفَ الابتِساماتِ هو عارٌ على مُجتَمَعٍ يُصلِّي لآلِهَةِ العَدالَةِ نَهارًا، ويُقيمُ طُقوسَ القَهرِ لَيلًا.

كم مِنِ امرأةٍ في بلادِنا تُنحَرُ كلَّ يوم، لا بِخَنجَر، بل بإهاناتٍ مُتكرِّرَة، بِليالٍ بلا أمان، وبِأطفالٍ يَشهدونَ المأساةَ ويَصمُتونَ مَعَها؟
وكَم مِنِ امرأةٍ تَموتُ واقِفَة، تَحفَظُ كرامَتَها في قلبِها كي لا يَنهارَ بَيتُها فوقَ رأسِها، ثُم تُلامُ على صَبرِها وتُسحَقُ في النِّهاية؟

المَرأةُ ليست ضِلعًا قاصِرًا، ولا كائنًا خُلِقَ ليُرَبّى بِالعُنف.
المَرأةُ وَطنٌ يُنهَب، جَسَدٌ يُغتَصَب، وقَلبٌ يُكسَر، ثُم تُطلَبُ مِنها الابتِسامَة، والتَّجمُّل، والتَّصفيقُ لِلجَلّاد.

إلى مَتى تُجلَدُ النِّساءُ باسمِ الرُّجولَة؟ باسمِ الدِّين؟ باسمِ التَّقاليد؟
ألم يَحِنِ الوَقتُ ليَعلوَ صَوتُ الأنثى لا بِالبُكاء، بل بالحَقّ؟ لا بِالدّموع، بل بِالقانون؟

هذهِ ليست قِصَّةَ امرأة، بل قضيَّةَ كُلِّ امرأة.