الذّكاءُ الإصطناعيُّ بينَ الحذرِ والطموح: مَن يتحكّمُ بمستقبلِنا؟

الذّكاءُ الإصطناعيُّ بينَ الحذرِ والطموح: مَن يتحكّمُ بمستقبلِنا؟

بقلم: علي رضوان سعيد
تدقيق: هادي محمود نصّار

لم يعدِ الذّكاءُ الاصطناعيُّ مجرّدَ موضوعٍ للنّقاشِ أو أفلامِ خيالِِ علميّ. بل أصبحَ واقعاً حاضراً في حياتِنا اليوميّة، من التّطبيقاتِ التي تكملُ جملَنا، إلى خوارزميّاتٍ تقرّرُ ما يظهرُ لنا على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ، وحتى أدواتٍ تشخّصُ الأمراضَ أو تكتبُ الأخبار. ولعلّ السؤالَ الّذي يفرضُ نفسَهُ هو: هل نمتلكُ المعرفةَ الكافيةَ للتحكّمِ بهذهِ التّكنولوجيَا؟ أم أنّها تسبقُنا نحوَ واقعٍ جديدٍ يصعبُ اللّحاقُ به؟

في مقهىً صغير، يجلسُ سامي (27 عام)، مبرمجٌ شابّ، ويستخدمُ أحدَ تطبيقاتِ الذّكاءِ الإصطناعيِّ لتوليدِ تصاميمَ إعلانيّةٍ لأحدِ زبائنِه. يقُول: “ما كنتُ أحتاجُ يومينِ لإنجازِه، أصبحَ يتمُّ خلالَ دقائِق، والنّتيجةُ مُذهلة “. سامي ليسَ وحدَه، فالمعلِّمون، والأطبّاء، وحتّى الصحفيّونَ والمُحامون، باتوا يستخدمونَ أدواتٍ تعتمدُ على الذّكاءِ الاصطناعيّ، بشكلٍ أو بآخر.

بحسبِ المُنتدى الإقتصاديِّ العالميّ، عام 2024، فإنَّ أكثرَ من 70% من الشَّركاتِ الكُبرى باتتْ تعتمدُ على الذّكاءِ الاصطناعيِّ في بعضِ أعمالِها، وخاصّةً في مجالاتِ الصحةِ والمال، ويأتِي هذا وسطَ تحذيراتٍ مِن أنَّ عدمَ قوننةِ هذهِ التّقنيّةِ قد يؤدّي إلى استخداماتٍ غيرِ أخلاقية.

في الدّولِ العربيّة، تُبذلُ جهودٌ كبيرةٌ لمواكبةِ هذا التّطور. حيثُ أعلنتِ السّعوديةُ عن استراتيجيةٍ للذّكاءِ الاصطناعيّ، وتهدفُ إلى جعلِ المملكةِ من بينِ روّادِ الذّكاءِ الاصطناعيِّ عالميّاً بحلولِ عامِ 2030. وكانتِ الإماراتُ أوّلَ دولةٍ في العالمِ تُعيّنُ وزيراً للذّكاءِ الاصطناعيّ، ممّا يعكسُ مدى جديّةِ التّعامُلِ مع هذهِ التّقنية.

لكن بالمقابل، تحذّرُ كايت كروفورد، الباحثةُ في “Microsoft Research”، من أنَّ الذكاءَ الاصطناعيَّ ليسَ محايدا، بل يعكسُ اختياراتِ من قامُوا بتطويرِه. ويجمعُ باحثو علمِ الإجتماعِ على أنَّ هناكَ تحدياتٍ اجتماعيةً وأخلاقيةً حقيقية. فالمجتمعاتُ تحتاجُ إلى وعيٍ جماهيريٍّ بالتكنولوجيا الجديدة. والإستخدامُ الآمنُ للذّكاءِ الاصطناعيِّ لا يمكنُ أن يتمَّ دونَ حوارٍ واسعٍ على صعيدِ المُجتمع.

ربّما لا نملكُ إجاباتٍ حاسمةٍ حتّى الآن. لكنْ ما نعرفُهُ جيداً هو أنَّ الذّكاءَ الاصطناعيَّ يتطوّرُ بسرعةٍ غيرِ مسبوقة. والخطرُ الحقيقيُّ قد يكونُ في تأخّرِنا عن فهمِه.