من الشّهادةِ إلى المجهول: مصيرُ الشّبابِ اللّبنانيِّ بعد التّخرجِ الجامعيّ.

من الشّهادةِ إلى المجهول: مصيرُ الشّبابِ اللّبنانيِّ بعد التّخرجِ الجامعيّ.

كتابة و تدقيق هادي محمود نصّار

كانتِ الشّهادةُ الجامعيّة، عبر أزمنةٍ طويلة، جسراً يعبرُ من خلاله الشّبابُ اللّبنانيُ إلى مرافئِ الأملِ والإستقرار. غيرَ أنّ هذهِ الصّورةَ المثاليّةَ تتهاوى اليومَ تحتَ وقعِ الأزمةِ الاقتصاديّة، وتغيُّبِ الرّؤيةِ الوطنية، وتفشّي المحسوبيةِ والواسطة.
فما الذي ينتظرُ الخرّيجَ الشّاب بعدَ أن يُسدلَ ستارَ التّخرج؟ وإلى أينَ يأخذهُ هذا الطّريقُ المثقلُ بالإحباطِ والتّيه؟

يعيشُ لبنانُ اليومَ أزمةً متجذّرةً في كلِّ المجالات، وكانَ الشّبابُ مِن أكثرِ الفئاتِ تضرُّرا. فبينَ خرّيجٍ يبحثُ عِن فرصةٍ براتبٍ يكفي أدنى متطلّباتِ الحياة، وآخرَ يشتغلُ في مهنةٍ لا تمتُّ لتخصُّصهِ بصلة، وثالثٍ يفكِّرُ في الرّحيلِ ولا يجدُ سبيلا، تتفشّى حالةٌ من الإحباطِ الجماعيِّ تهدُّ العزائمَ وتبدِّدُ الأحلام.

ولم تكنْ الجامعات، في مجملِها، على قدرِ المسؤوليّة، فمناهجُها بعيدةٌ عن واقعِ سوقِ العمل، وغائبةٌ عن إدراكِ التّحوّلاتِ الإجتماعيّةِ والإقتصاديّة، بينما تسودُ الواسطةُ والمحسوبيّاتُ في فرصِ التّوظيف، وتضيعُ الكفاءاتُ في زحامِ المحسوبيّة.

على صعيدِ اقتراحاتٍ لحلولٍ يُمكنُ لها التخفيفُ من وطأةِ هذهِ الآفة على الخرّيجينَ الجُدد من الشّباب، يمكِنُ إقرارُ سياسةِ توظيفٍ تستندُ إلى الجدارةِ والشّفافية، لا إلى العلاقاتِ الشخصية، فضلاً عِن ربطِ المناهجِ الجامعيّةِ بسوقِ العمل، وفتحِ أبوابِ التّدريبِ والتّطبيقِ المُباشرِ مع الشّركاتِ والمؤسّسات.

خِتاما، إنّ مصيرَ الشّبابِ اللّبنانيِّ بعد التّخرجِ أصبحَ مفتوحاً على كلِّ الاحتمالات، باستثناءِ ذلكَ الّذي حلموا به. وبينَ بطالةٍ و هجرةٍ وإحباط، يتساءلُ كثُر: هل أضحتِ الشّهادةُ وهماً نطاردُهُ في بلدٍ يخذلُ أبناءَه؟