كتابة و تدقيق: هادي محمود نصّار
مِن أقصى الجهاتِ، حيثُ لا يصلُ الضّوءُ إلّا منقّى بالصّبر، يشمخُ الجنوبُ كجدارٍ نُقشَت عليهِ قرونُ المعاني.
تكتسي التّلالُ بعباءةِ الصّمت، لا لغيابِ الصّوت، بل لأنّ الضّجيجَ لا يليقُ بمن اعتادَ مخاطبةَ السّماءِ بالنّارِ والتُّراب.
هنا لا تثمرُ الأرضُ زيتوناً فقط، بل تُنبِتُ رجالاً وحكاياتٍ لا تُنسى من صمودٍ ونِضال.
و لا تتآكلُ الصّخور، بل تُخفي بينَ شقوقِها خرائطَ المعاركِ وأسماءَ من مضوا دونَ ضجيجٍ إلى المَجد.
هنا، يسيلُ الماءُ في الجداولِ حاملاً أخبارَ من قاوَموا و اختَفوا بينَ ثنايا القصائِد.
حتّى الرّيحُ العابرةُ منْ هُنا، تلفحُ وجهَ القُرى، نقيّةً مصفّاةً من كلِّ شائبَة.
جنوبُنا ليسَ حدّاً على البوصِلة، بلْ ميزانٌ للكرامَة، إذا اختلّ، حلّتِ الهزائم.
وفي كلّ حجرٍ، نامتْ حكايةٌ لا تحتاجُ لكاتِبٍ أو أديب ، بلْ إلى عينٍ تعرفُ كيفَ تُنصتُ لِما لا يُقال.
هو الجنوبُ بقداسةِ ترابِه،
هو جنوبُ لبنان…