بقلم: ريان إبراهيم نجم
تدقيق: هادي محمود نصّار
في عالَمٍ تتعقّدُ فيهِ الحياةُ يوماً بعدَ يوم، وتزدادُ فيهِ ضغوطاتُ العمَل، وتَتراكَمُ فيهِ المَسؤوليّات، تَبرُزُ الحاجةُ المُلحّةُ إلى التوقُّفِ وإعادةِ النَّظرِ في أسلوبِ حياتِنا الّذي نعيشُه. فالبساطةُ لم تَعُدْ مجرّدَ تقليلٍ للمُمتلكاتِ أو تخفيفٍ للأعباءِ وحسبْ، بل أَصبَحَتْ مَنهجاً لاختيارِ ما هو جوهريّ، إنّها فَنٌّ لترتيبِ الأولويّاتِ وتحريرِ الذّاتِ مِن الفوضى الزّائدة.
وفي ظِلِّ هذا الطّوفانِ المَعرفيّ، والإيقاعِ المُتسارِعِ الذي يَسلبُنا لحظاتِ التأمُّل، تَبقَى البساطةُ ضرورةً إنسانِيّة. لكِن، كيفَ يُمكِنُ للبشريّةِ أن تُعيدَ اكتشافَ البساطةِ في عالَمٍ يَزدادُ تعقيداً وتشتُّتا؟
في زمنٍ تَغمُرُنا فيهِ المعلوماتُ بسرعةٍ هائلَة، تخلِقُ البساطةُ مساحةً داخِليّة، نَستعيدُ فيها هدوءَنا، ونُعيدُ تنظيمَ أفكارِنا ومشاعرِنا، بعيداً عن ضجيجِ الحيَاة، وتُمنَحُنا القُدرةَ على التّركيزِ بوعِي.
كما وأنّها تَبني حياةً تُعزِّزُ العلاقاتِ الإجتماعيّة، حينما يُركِّزُ الإنسانُ على جودةِ التّواصلِ بدَلاً من كثرَتِه، تَتعمّقُ الرّوابطُ وتَزدادُ صِدقا، وهذا ما يَمنحُنا الشّعورَ بالدّعمِ والإنتِماء.
إنّ إعادةَ اكتشافِ البساطةِ يتطلّبُ إرادةً واعيةً لتغييرٍ جذريّ، فهي ليسَتْ مجرّدَ فِعلٍ عابِر، بلْ أسلوبُ حياةٍ يُمارَسُ بوعيٍ وتأمُّل.
في عالَمٍ مُعقَّدٍ وسريعِ التّطوّر، أَصبَحَتِ البساطةُ ضرورةً لإعادةِ توازنِ الحَياة، فهي تَمنحُنا فرصةً لنَعيشَ بوعي، بعيداً عن الفوضَى. ومع التّقدُّمِ التّكنولوجيِّ الّذي نَشهدهُ اليوم، هلْ سَنَتمكَّنُ من توظيفِ التّكنولوجِيا لتعزيزِ بساطتِنا؟ أم أنَّ التّعقيدَ سيظلُّ فارِضاً نَفسَهُ على مُستَقبلِنا؟