فَضيحةُ الأدويَةِ المُزيَّفةِ فِي لُبنان: أزمةُ ثقةٍ تُهدّدُ حَياةَ المرضَى.

فَضيحةُ الأدويَةِ المُزيَّفةِ فِي لُبنان: أزمةُ ثقةٍ تُهدّدُ حَياةَ المرضَى.

كتابة و تدقيق: هادي محمود نصّار

كَيفَ يُمكنُ لمَريضٍ يُواجهُ مَرضاً خَطيراً أن يَطمئنَّ لدَوائِه، إذَا اكتَشفَ لاحقاً أنَّ ما تَجرّعهُ لَم يَكُن سِوَى عُبوّاتٍ بلا فَعاليَّة؟ في لُبنان، تَفجَّرت فَضيحةٌ هَزَّت ثِقةَ النّاسِ فِي المَنظومةِ الصّحِّيَّة، بَعدَ كَشفِ شَبكاتٍ تُروّجُ أدويَةً مُزيّفةً لمَرضَى السَّرَطان، ما يَطرحُ سُؤالاً أساسِيّاً: هَل تَكمُن المُشكلةُ فِي غِيابِ الرَّقابَة، أم فِي ضَعفِ البُنيةِ الصّحّيَّةِ مِن الأسَاس؟

بَدَأت القضيَّةُ حِينَ كَشفَت تَحقيقاتٌ رَسميّةٌ وإعلامِيّةٌ عَن تَوافرِ أدويَةٍ لعِلاجِ السَّرطانِ لا تَحتَوي على أيٍّ مِن المَوادِ الفعّالَةِ الَّتي يُفترضُ أن تُنقذَ حَياةَ المَرضَى. بَعضُ هذهِ الأدويَةِ تَسلّلَ إلى الأسواقِ عَبرَ قَنواتٍ غيرِ شرعيَّة، فيمَا تبيَّنَ أنَّ أُخرَى سُوِّقت بغطاءٍ قانونيٍّ ظاهرِيّا. صَدمَت هذهِ المَعلُوماتُ الرَّأيَ العَامّ، ليسَ فَقط لأنَّ حياةَ المَرضَى وُضعَت في خَطرٍ مباشَر، بَل لأنَّ عَمليّةَ التَّزويرِ اخترَقَت المُستشفياتِ والصَّيدليَّات، كاشِفةً ثغراتٍ عَميقةٍ فِي أنظمَةِ الإستيرادِ والفَحصِ والمُراقبَة.

لَم تَتوقَّف تَداعياتُ الفَضيحةِ عِندَ المَرضَى وأُسرهِم، بَل فَتحَت باباً واسعاً للشّكِّ في جَودةِ الأدويَةِ عُموماً، وأثارَت تَساؤلاتٍ حولَ المَعاييرِ المُعتمدةِ قبلَ السَّماحِ بدُخولِ أيِّ دَواءٍ إلى السُّوق. شَركاتُ الأدويَة، والصَّيدلَة، والمُستشفياتُ وجَدوا أنفُسَهم تَحتَ ضغطٍ شَعبيٍّ وإعلامِيٍّ كَبير، فيمَا ارتَفع الطَّلبُ علَى شَهاداتِ الجَودةِ والفُحوصِ المُستقلَّة. ومَع اتِّساعِ دائِرةِ المَخاوِف، أصبَح همُّ الكَثيرينَ التّأكّدُ مِن مَصدرِ الدَّواءِ قبلَ التَّفكيرِ فِي خُطط العلاجِ نفسِها.

إذا كانَ الدَّواء، الَّذي يُفترضُ أن يَكونُ ملاذَ الأمانِ الأخيرَ للمرِيض، يمكنُ أن يَتحوّلَ إلى خطرٍ يُهدّدُ حَياتَه، فكَيفَ يمكنُ إعَادةُ بناءِ ثِقةِ المُواطنينَ فِي نِظامٍ صِحّيٍّ فقدَ جُزءاً كبيراً مِن مِصداقيَّته؟