بقلم: المختصّة بتصميم الحميات العلاجيّة والغذائيّة والرياضيّة ابتسام موسى شريف
تدقيق: هادي محمود نصّار
مَشروباتُ الطّاقةِ تُعَدُّ الأَكثَرَ انتشاراً بَينَ فِئاتِ الشَّبابِ والطُّلابِ وحَتّى الرِّياضييِن، إذ يُسَوَّقُ لَها ذِهنيّاً عَلى أَنَّها المُنقِذُ وَالمُساعِدُ عَلى اكتِسابِ النَّشاط، وداعِمٌ أَساسيٌّ لِلقُدرَةِ عَلى الأَداءِ الرّياضيِّ الجَيِّدِ وَزِيادَةِ النَّشاطِ وَالتَّركيزِ الذِّهنيّ.
إلّا أَنَّ هذِهِ المَشروباتِ تَحمِلُ خَلفَ صُورَتِها الدِّعائيَّةِ المُنَمَّقَةِ وغَيرِ الصَّحيحةِ أَخطَاراً تُؤدّي إِلى أَمراضٍ خَطيرةٍ وَمِن ثُمَّ المَوت، حَيثُ إِنَّها تَحتَوي عَلى عِدَّةِ مَوادٍّ ضارَّةٍ مِن حَيثُ كَميَّتِها، والأَخطَرُ أَنَّها مُجتَمِعَةٌ في عُبوَةٍ واحِدَة، مِمّا يُسبِّبُ خَلَلاً في الجِسمِ وكَأَنَّها عُبوَةٌ مُوقوتَة.
تَحتَوي هذِهِ المَشروباتُ عَادَةً عَلى نِسَبٍ عالِيَةٍ جِدّاً مِنَ الكافيينِ وَالسُّكَّريّاتِ وَالفِيتاميناتِ وَخُصوصاً B6 وَالجِنسِنغ وَمَوادٍّ أُخرَى سَوفَ نَذكُرُها.
وَرَغمَ أَنَّها تَمنَحُ شُعوراً مُؤَقَّتاً بِالحَيَوِيَّةِ وَالتَّركيز، إِلّا أَنَّ تَأثيرَها عَلى الصِّحَّةِ عَلى المَدى المُتَوسِّطِ والطَّويلِ يُؤدّي إِلى خَلَلٍ كَبيرٍ وَمَخاطِرَ عِدَّةٍ لِما تُسَبِّبُهُ مِن أَمراضٍ كَثيرة، وقَبلَها أَعراضٌ مُزعِجَةٌ جِدّا.
وَهُنا تَأتي أَهمِّيَّةُ التَّوعِيَةِ لِمُكَوِّناتِها وفَوائِدِها المَزعومَةِ وأَضرارِها المُحتَمَلَةِ لاتِّخاذِ قَراراتٍ صِحِّيَّةٍ أَكثَرَ وَعيا.
مُكَوِّناتُها:
كافيين، سُكَّر، تورين، غُوارنا، تيروسين.
أَوَّلا: السُّكَّرُ والكافِيين
عِبارَةٌ عَن قُنبُلَةٍ نَوَويَّةٍ بالنِّسبَةِ للضَّرَرِ الَّذي يَلحَقُ بالجِسمِ والجِهازِ العَصَبيّ.
كُلُّ عُبوَةٍ مِن مَشروباتِ الطّاقةِ سِعَةُ ٤٠٠ مِلِّلِتر تُعادِلُ خَمسَ أَكوابٍ مِنَ القَهوَةِ العادِيَّةِ سِعَةُ كُلِّ كَوبٍ ١٥٠-٢٠٠ مِلِّلِتر، أَي ما يُعادِلُ ٧٠٠-١٠٠٠ مِلِّلِتر مِنَ القَهوَةِ يَومِيّا.
وتَحتَوي أَيضاً كُلُّ عُبوَةٍ عَلى ١٢ مِلعَقَةِ سُكَّر.
ومادَّةُ الكافيينِ بِهذِهِ الكَثرَةِ تُسَبِّبُ إدرارَ البَولِ بِشَكلٍ مُفرِطٍ مِمّا يَتَسَبَّبُ بِإفراغِ الجِسمِ مِنَ الأَملَاحِ المَعدِنِيَّةِ وَخُصوصاً الصُّوديوم، مِمّا يُؤدّي إِلى أَمراضٍ خَطيرة.
وأَيضاً هذِهِ النِّسَبُ العالِيَةُ مِنَ الكافيينِ تُسَبِّبُ التَّسارُعَ بِنَبضاتِ القَلبِ وَارتِفاعَ ضَغطِ الدَّم.
وَعِندَ الأَطفالِ وَالمُراهِقينَ تُؤَثِّرُ عَلى النُّمُوِّ في الجِهازِ العَصَبيّ.
السُّكَّر: يُشكِّلُ ارتِفاعاً سَريعاً بِمُستَوَياتِ السُّكَّرِ فِي الدَّمِ وَمِن ثُمَّ انخِفاضِهِ مِمّا يُسَبِّبُ هُبوطاً حادّاً بِالطّاقَة، تَسَوُّسَ الأَسنانِ وضَعفِ صِحَّةِ الفَمِ وَالتَّحفِيزِ عَلى الإفراطِ فِي الأَكل.
مادَّةُ التّورين: تُؤَثِّرُ عَلى وَظائِفِ القَلب، ودَورُها كَمُحَفِّزٍ لِلجِهازِ العَصَبيِّ يُسَبِّبُ القَلَقَ والاضطِرابَ والشُّعورَ بِالنَّدمِ دُونَ سَبَب.
مادَّةُ الغُوارنا: تُسَبِّبُ اليَرقانَ وَالفَشَلَ فِي النُّمُوِّ لِلمُراهِقينَ والأَطفالِ.
مادَّةُ التِّيروسين: تُسَبِّبُ الأَمراضَ فِي الكَبِدِ وَالكُلَى وَالجِهازِ العَصَبيِّ.
الجِنسِنغ: يُسَبِّبُ صُداعاً واضطِراباً بِالمِزاج، وَقَد يُؤَثِّرُ عَلى الأَشخاصِ الَّذينَ يَتَناوَلونَ أَدوِيَةَ الضَّغطِ والسُّكَّريّ.
الفِيتاميناتُ وَخُصوصاً فِيتامين B6: تُعتَبَرُ ضارَّةً نِسبَةً لِلكَميّاتِ العالِيَةِ الَّتي تَحتَويها كُلُّ عُبوَة، وذلِكَ عَلى المَدى الطَّويلِ سَوفَ يُؤَثِّرُ بِشَكلٍ سَلبيّ، مِمّا يُؤدّي إِلى اضطِراباتٍ عَصَبِيَّةٍ ومَشاكِلَ كَبِديَّة.
أَضرارُ مَشروباتِ الطّاقةِ عَلى الفِئاتِ العُمرِيَّة:
الأَطفالُ وَالمُراهِقون:
تَسارُعٌ فِي نَبضاتِ القَلبِ وَالَّتي تُؤَدّي فِي أَغلَبِ الأَحيانِ إِلى المَوتِ المُفاجِئ، ومَشاكِلٍ فِي النَّوم، وتَأثيرٍ عَلى النُّمُوِّ العَصَبيّ، وإِدمانٍ فِي سِنٍّ مُبكِّرَة.
الشَّبابُ (مِن عُمرِ 18 – 30 سَنَة):
ارتِفاعٌ بِضَغطِ الدَّمِ، انخِفاضٌ فِي جَودَةِ النَّوم، انخِفاضٌ فِي التَّركيز، إِرهاقٌ جَسَديٌّ عامّ، واحتِمالُ الإصابَةِ بِالأَمراضِ القَلبيَّة.
البالِغونَ (مِن سِنِّ 30 – 40):
مُضاعَفاتٌ عَلى صِحَّةِ القَلب، أَمراضٌ فِي الكُلَى والكَبِد، مَشاكِلُ هَضمِيَّة، حُموضَةٌ وارتِجاع.
كِبارُ السِّنّ:
ارتِفاعُ خَطرِ الإصابَةِ بِالجَّلطاتِ وَمَشاكِلِ القَلب، وتَفاقُمُ الأَمراضِ المُزمِنَة، واضطِرابٌ فِي النَّوم، وزِيادَةُ الدُّوخَةِ وَعَدمُ التَّوازُن.
البَدائِلُ الصِّحِّيَّةُ لِزِيادَةِ الطّاقَةِ وَالتَّركيزِ الذِّهنيّ، مُتَوَفِّرَةٌ وَبِدونِ مَخاطِرَ تُذكَرُ عَلى الصِّحَّة، وخُصوصاً إِذا أُخِذَت بِاعتِدال، تَكادُ تَكونُ مَخاطِرُها صِفراً بِالمِئَة:
• كَوبُ قَهوَةٍ فِي اليَومِ سِعَةُ ١٥٠ مِلِّلِتر دُونَ إِضافَةِ السُّكَّرِ المُكَرَّر.
• الامتِناعُ عَن تَناوُلِ السُّكَّريّاتِ يَرفَعُ مِنَ الطّاقَةِ وَيَزيدُ التَّركيز.
• تَناوُلُ الأَشواغَندا.
• تَناوُلُ الرّوديولا.
• تَناوُلُ السّبيرولينا.
• تَناوُلُ مُكَمِّل Q10.
وطَبعاً كُلُّ ما ذُكِرَ مِن مَشروباتٍ صِحِّيَّةٍ بَديلَة، فِي حالَةِ المَرضَى يَجِبُ إِخبارُ الطَّبيبِ أَو المُختَصِّ بالتَّغذِيَةِ العِلاجيَّةِ لِيُخبِرَهُم عَن كَيفِيَّةِ تَناوُلِها أَو عَدمِها.
فِي الخِتام، يُمكِنُ القَولُ إِنَّ مَشروباتِ الطّاقَةِ رُغمَ شُهرَتِها الواسِعَةِ وقُدرَتِها عَلى مَنحِ شُعورٍ مُؤَقَّتٍ بِالنَّشاطِ والحَيَوِيَّة، إِلّا أَنَّها تُخفِي وَراءَ مُكَوِّناتِها العَديدَ مِنَ الأَضرارِ الصِّحِّيَّةِ الَّتي تُؤَدّي فِي أَغلَبِ الأَحيانِ إِلى المَوت، وخُصوصاً فِي أَعمارِ الأَطفال والمُراهِقينَ.
فَبَعدَ اطِّلاعِكَ عَلى هذَا المَقال، هَل ما زِلتَ تَظُنُّ بِأَنَّ مَشروباتِ الطّاقَةِ هِيَ الحَلُّ الأَفضَلُ لاكتِسابِ الطّاقَةِ وزِيادَةِ التَّركيز؟
