فِي زمَنِ التَّشابُه، أصبَحَتِ المَلامِحُ الطَّبيعيَّةُ ثَورةً جَماليَّة

فِي زمَنِ التَّشابُه، أصبَحَتِ المَلامِحُ الطَّبيعيَّةُ ثَورةً جَماليَّة

بقلم: ريان إبراهيم نجم
تدقيق: هادي محمود نصّار

فِي عَصرٍ تُعيدُ فيهِ تقنيّاتُ التّجميلِ رَسمَ مَلامحِ الوُجوه، وتَنتشِرُ فيهِ “الفَلاتِر” بشَكلٍ بارزٍ على وسَائلِ التَّواصلِ الاجتِماعِيّ، غدَت المَلامِحُ الطَّبيعيَّةُ أيقونةَ التَّفرُّد، إذ تشكِّلُ استِثناءً جَماليّاً أكثرَ مِن أيِّ وقتٍ قَد مَضى. فَهَل تحوَّلَ الجَمالُ اليَومَ إلى نُسخٍ مُتمَاثلةٍ تُفرَضُ علَى الجَميع، بَدلاً مِن أن تَكونَ مَساحةً للتَّفرُّد؟

بعدَ كُلِّ هذِهِ السَّنواتِ مِن هَيمنَةِ الشَّكلِ “المِثاليِّ” والمُتكرِّر، الأنفُ الدَّقيق، الشِّفاهُ المُمتلِئة، والوَجنةُ المُرتَفعِة، بدأَ الاهتِمامُ يتَّجهُ نحوَ الجَمالِ المُختلِف، أي الجَمالِ الحَقيقِيّ، الّذِي يَحملُ بَصمةَ الإنسَان، لا أدواتِ الجِراحةِ أو برامِجِ التَّعديل.

لقَد بدأَت ملامِحُ الوُجوهِ المَعروفةِ بالتَّفرُّد، الّتي كانَت تعكِسُ اختِلافاتِ الأفرادِ وثَقافَاتِهم، تَنحصرُ في نمطٍ واحدٍ تُروّجُ لهُ وسائلُ التَّواصُلِ الاجتِماعِيّ. وهَذا ما أثَّرَ سَلباً علَى مَفهومِ الهَويَّة، خُصوصاً لَدى الشَّبابِ والمُراهِقين.

أمَّا فِي المُقابِل، نَشهَدُ اليَومَ تَحوّلاً في الذَّوقِ العامِّ تَجلَّى فِي التَّهافُتِ نَحوَ المَلامحِ الطَّبيعيَّةِ والابتِعادِ عِن التَّجميلِ المُفرِط. فالكَثيرُ مِن المَشاهيرِ والمُؤثِّرينَ قرَّروا الظُّهورَ بِوجوهِهِم دونَ فلاترَ أو تَعديلات، كإعلانٍ عِن الحُريَّةِ وقُبولِ الذَّات، وهَذا مَا يُشيرُ إلِى تَحوّلٍ ثَقافيٍّ ونَفسيٍّ مَلمُوس.

وفِي ظلِّ الضُّغوطاتِ الاجتِماعيَّةِ الّتي تَفرِضُ التَّماثلَ واتِّباعَ الصُّورِ النَّمطيَّةِ المُوحَّدَة، يُبرزُ الجَمالُ الطَّبيعيُّ كرمزٍ للتَّفرُّد، ليَس كمَظهرٍ خَارجيٍّ وحَسب، بَل كتَجسيدٍ لِهويةِ الفَردِ رُغمَ الزَّيف. فَهل نَحنُ حَقّاً أمَامَ بِدايةِ وَعيٍ تُعيدُ للجَمالِ الطَّبيعيِّ مَكانتَهُ وتُحوِّلُ الإختِلافَ إلِى قيمةٍ جَماليَّة؟